جَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ: أَنَّهَاانْطَلَقَتْ مُعْتَمِرَةً، فَانْتَهَتْ إِلَى الرَّبَذَةِ فَسَمِعَتْ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ:
قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ اللَّيَالِي فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَصَلَّى بِالْقَوْمِ، ثُمَّ تَخَلَّفَ
أَصْحَابٌ لَهُ يُصَلُّونَ، فَلَمَّا رَأَى قِيَامَهُمْ وَتَخَلُّفَهُمْ انْصَرَفَ إِلَى رَحْلِهِ، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمَ
قَدْ أَخْلَوْا الْمَكَانَ؛ رَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ فَصَلَّى، فَجِئْتُ فَقُمْتُ خَلْفَهُ، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ بِيَمِينِهِ،
فَقُمْتُ عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَامَ خَلْفِي وَخَلْفَهُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِشِمَالِهِ، فَقَامَ
عَنْ شِمَالِهِ فَقُمْنَا ثَلَاثَتُنَا يُصَلِّي كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا بِنَفْسِهِ، وَيَتْلُو مِنْ الْقُرْآنِ مَا شَاءَ اللَّهُ
أَنْ يَتْلُوَ، فَقَامَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ يُرَدِّدُهَا حَتَّى صَلَّى الْغَدَاةَ، فَبَعْدَ أَنْ أَصْبَحْنَا أَوْمَأْتُ
إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنْ سَلْهُ: مَا أَرَادَ إِلَى مَا صَنَعَ الْبَارِحَةَ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ
بِيَدِهِ: لَا أَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى يُحَدِّثَ إِلَيَّ. فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، قُمْتَ بِآيَةٍ
مِنْ الْقُرْآنِ لَوْ فَعَلَ هَذَا بَعْضُنَا لوَجَدْنَا عَلَيْهِ! قَالَ: "دَعَوْتُ لِأُمَّتِي"، قَالَ فَمَاذَا
أُجِبْتَ؟ أَوْ: مَاذَا رُدَّ عَلَيْكَ؟ قَالَ: ... فذكره، وتمامه:
فَانْطَلَقْتُ مُعْنِقاً قَرِيباً مِنْ قَذْفَةٍ بِحَجَرٍ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّكَ إِنْ
تَبْعَثْ إِلَى النَّاسِ بِهَذَا؛ نَكَلُوا عَنْ الْعِبَادَةِ. فَنَادَى: أَنْ ارْجَعْ، فَرَجَعَ، وَتِلْكَ الْآيَةُ:
{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .
قلت: وهذا إسناد ليس فيه من يخشى منه شيء من النكارة الظاهرة في
هذا السياق سوى جسرة بنت دجاجة، وليست بالمشهورة؛ فإنه لم يرو عنها من
الثقات غير قدامة بن عبد الله هذا وأفلت بن خليفة، وفي ترجمة هذا الثاني
منهما قال البخاري (١/٢/٦٧) :
"وعند جسرة عجائب ". وساق لها عن عائشة حديث:
"لا أُحِلُّ المسجد لحائض، ولا لجنب؛ إلا لمحمد وآل محمد". ثم أشار إلى
نكارته بقوله: