بهذا العلم أو تجاهله، وهو هنا شر من الجهل؛ لدخوله تحت قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من حدث
عني بحديث يرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبين ". رواه مسلم وابن حبان وغيرهما.
والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثامنأ: قال: "وقد روى قومنا أحاديث الرفع عن العدد الكثير من الصحابة،
فإن صح ذلك - ولا أراه يصح -؛ فمنسوخ ".
قلت: هذا إعلان صريح منه أنه لا يقيم وزناً للأحاديث الصحيحة! ولو كانت
متواترة، وعمل بها الصحابة ومن بعدهم ممن سلك سبيلهم! وأن التصحيح
والتضعيف عنده خاضع لهواه! وأن من كان على شاكلته لا يفيد البحث معهم إلا
بعد الاتفاق على الأصول والقواعد. وهيهات هيهات!
وقد وقفت حديثاً على رسالة لأحدهم في الرفع وضم اليدين في الصلاة؛
ذهب فيها إلى تضعيف أحاديث الرفع والضم كلها! وإن مما يُضحك الثكلى أنه
صرح بأن حديث ابن عمر في الرفع المذكور آنفاً موضوع! وأن علته الإمام الزهري!!
وقد رددت عليه ردّاً موجزاً في مقدمة الطبعة الجديدة لكتابي "صفة الصلاة".
وأما ادعاء النسخ فقد سبق الجواب عنه من كلام الشوكاني، وفيه مَقْنَغٌ لكل
منصف. وكيف يستقيم في لُبِّ مسلم غير سكران بالهوى أن يتصور استمرار الصحابة
على الرفع بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو منسوخ؟! وقد صح عن الحسن البصري أنه قال:
كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفعون أيديهم إذا ركعوا، وإذا رفعوا رؤوسهم من
الركوع ... كأنما أيديهم مراوح.
وعن سعيد بن جبير: أنه سئل عن رفع اليدين في الصلاة؛ فقال: هو شيء
يزين به الرجل صلاته، كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفعون أيديهم في الافتتاح،
وعند الركوع، وإذا رفعوا رؤوسهم.