فأقول: وخلاصة كلامه أن الشطر الثاني من الحديث وهو المذكور في الترجمة
غريب لا شاهد له، بخلاف الشطر الآخر؛ فله طريق آخر في "صحيح مسلم "
وغيره، وهو مخرج عندي في "أحكام الجنائز"، ولكنه مع غرابة إسناده؛ فهو
يصرح بأنه صحيح الإسناد عنده، ولا وجه لذلك عندي؛ وذلك لأن راويه ثعلبة
ابن يزيد - مع شك أحد رواته هل هو: ثعلبة بن يزيد، أو يزيد بن ثعلبة؛ على
القلب؟ - فإنه ليس مشهوراً بالرواية؛ فقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل "
(١/١/٤٦٣) برواية حبيب بن أبي ثابت وسلمة بن كهيل، ولم يذكر فيه جرحاً
ولا تعديلاً، وذكره البخاري في "التاريخ " (١/٢/١٧٤) برواية الأول منهما فقط
بحديث: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلي: "إن الأمة ستغدر بك ". وقال:
"لا يتابع عليه ". وقال في ثعلبة:
"فيه نظر".
وفاتهما أنه روى عنه أيضاً الحكم هذا الحديث - وهو: ابن عتيبة -، لكن رواية
حبيب بن أبي ثابت عنه معنعنة، فلا يعتبر عندي راوياً ثالثاً؛ لاحتمال أن يكون رواه
عن أحد المذكورين، ثم أسقطه! وقد حكوا عن النسائي أنه وثقه، وكذلك وثقه ابن
حبان (٤/٩٨) ، ولكنه لم يثبت على ذلك؛ فأورده في "الضعفاء" (٤/٩٨) وقال:
"كان غالياً في التَّشَيُّع؛ لا يحتج بأخباره التي يتفرد بها عن علي ".
قلت: ولما كان قد تفرد بحديث الترجمة دون الشطر الآخر؛ فإني قد اطمأننت
لذكره في هذه "السلسلة"، مع كونه غير مشهورٍ بالرواية، ونظر البخاري فيه، وقوله
في حديث الغدر: "لا يتابع عليه ".
على أن في قوله هذا الثاني نظراً عندي؛ لأنه قد أورده ابن الجوزي في "العلل
المتناهية" (١/٢٤٢) من طريق أخرى عن علي وقال: