"صحيح على شرط الشيخين، وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة، وإذا انفرد الثقة
بحديث؛ فهو - على أصلهم - صحيح ".
قلت: ظاهر إسناده الصحة، وأما كونه على شرط الشيخين؛ فليس كذلك،
بل ولا هو على أصل الحاكم؛ لأن أبا الأزهر ليس من شيوخ البخاري، وإن كان
في نفسه صدوقاً دون خلاف معروف.
ومع ذلك فقد رأيت أئمة الحديث متفقين على إنكار هذا الحديث، إلا أنهم
اختلفوا في تحديد العلة الخفية فيه على رأيين:
الأول: أنه من وهم أبي الأزهر هذا: فروى الحاكم عن أحمد بن يحيى
الحُلْواني قال:
"لما ورد أبو الأزهر من صنعاء، وذاكر أهل بغداد بهذا الحديث؛ أنكره يحيى
ابن معين. فلما كان يوم مجلسه؛ قال في أخر المجلس: أين هَذَا الكَذَّابُ النَّيْسَابُوْرِيُّ
الَّذِي يذكر عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ هَذَا الحديث؟! فَقَامَ أَبُو الأَزْهَرِ، فَقَالَ: هُوَ ذَا أَنَا ".فضحك
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ من قوله وقيامه في المجلس وأدناه، ثم قَالَ له:
كيف حدثك عبد الرزاق بهذا ولم يحدث به غيرك؛ فقال: اعلم يا أبا زكريا
أني قدمت صنعاء وعبد الرزاق غائب في قرية له بعيدة، فخرجت إليه وأنا عليل،
فلما وصلت إليه؛ سألني عن أمر خراسان؟ فحدثته بها، وكتبت عنه، وانصرفت
معه إلى صنعاء، فلما ودعته؛ قال لي: قد وجب عليَّ حَقُّك، فأنا أحدثك
بحديث لم يسمعه مني غيرك. فحدثني - والله! - بهذا الحديث لفظاً. فصدقه
يحيى ابن معين، واعتذر إليه ". ورواه ابن عدي أيضاً والخطيب وزاد:
"وتعجب من سلامته وقال: الذنب لغيرك في هذا الحديث ". وأيد الخطيب
هذا بقوله: