عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً} .
قلت: فهذا القول منه - مع سباق القصة - صريح جداً في أن شركه إنما هو
شَكُّه في الآخرة، وهذا كفر وليس بشرك في رأي الطحاوي! فهو باطل ظاهر
البطلان.
وإن مما يؤكد ذلك من السنة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب".
رواه الشيخان وغيرهما عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ، وهو مخرج في "الصحيحة" برقم
(١١٣٣) ، فإن المراد بهم اليهود والنصارى؛ كما دلت على ذلك أحاديث أخر،
منها قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"ليّن عشت؛ لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، حتى لا أترك
فيها إلا مسلماً". رواه مسلم وغيره وهو مخرج هناك (١١٣٤) .
ولما كان حديث ابن عباس حجة قاطعة في الموضوع؛ غمز من صحته الطحاوي
عصباً لمذهبه - مع الأسف -! وزعم أنه وهم من ابن عيينة قال (٤/١٦) :
"لأنه كان يحدث من حفظه؛ فيحتمل أن يكون جعل مكان (اليهود والنصارى) :
(المشركين) (!) ولم يكن معه من الفقه ما يميزبه بين ذلك "!
كذا قال سامحه الله! فإنه يعلم أن تحديث الحافظ الثقة - كابن عيينة - من
حفظه ليس بعلة؛ بل هو فخر له، وأن تخطئة الثقة بمجرد الاحتمال ليس من شأن
العلماء المنصفين، ولكنها العصبية المذهبية؛ نسأل الله السلامة!
وعلى مذهب الطحاوي هذا يمكن أن يغفر الله الكفر لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} !!