"قال الداني: فهذا سبب التخصيص بالتكبير من أخر: {والضحى} ،
واستعمال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه، وذلك كان قبل الهجرة بزمان؛ فاستعمل ذلك المكيون،
ونقل خَلَفهم عن سلفهم، ولم يستعمله غيرهم؛ لأنه اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك ذلك بعد، فأخذوا
بالآخر من فعله ".
فأين التواتر الذي زعمه هذا الجاهل - أو: المتجاهل - ونسبه إلى الأمة، مع
تصريح هذا الإمام الداني بأنه لم يستعمله غير المكين؟! أم أن هؤلاء ليسوا عنده من
الأمة؟! وماذا يقول في تعليل الإمام الداني تركهم له؟!
ثم إن المكيين أنفسهم لم يستمروا على استعماله؛ فقد ذكر الفاكهي في
"أخبار مكة" (٣/٣٦/١٧٤٥) أن ابن أبي عمر قال:
"أدركت الناس في مكة على هذا: كلما بلغوا: {والضحى} ؛ كبروا حتى
يختموا، ثم تركوا ذلك زماناً، ثم عاودوه منذ قريب، ثم تركوه إلى اليوم ".
وابن أبي عمر هذا من شيوخ الفاكهي ومسلم، واسمه: محمد بن يحيى بن
أبي عمر العدني أبو عبد الله الحافظ، وقد أكثر الفاكهي عنه بحيث أنه روى عنه
أكثر من خمسمائة رواية - كما ذكر ذلك المعلق على كتابه جزاه الله خيراً -، مات
سنة (٢٤٣) .
قلت: فهذه الرواية مما يُبطل التواتر الذي زعمه؛ لأنها تنفي صراحة انقطاع
استمرار العمل، بل قد جاء عن بعض السلف إنكار هذا التكبير واعتبره بدعة،
وهو عطاء بن أبي رباح المكي؛ فقال الفاكهي: حدثني أبو يحيى بن أبي مرة عن
ابن خنيس قال: سمعت وهيب بن الورد يقول: (قلت: فذكر قصته، وفيها) ولما
بلغ حميد (وهو: ابن قيس المكي) : {والضحى} ؛ كبر، فقال لي عطاء: إن هذا
لبدعة.