والأخرى: أنه - أعني: العنوان - يشمل الحنفية وغيرهم الذين من مذهبهم
جواز أخذ ما زاد على القبضة؛ بل يشمل ابن عمر وأبا هريرة وغيرهم من السلف
الذين احتج بهم الحنفية؛ وإن لم يسلم بذلك الفاضل المعلق على رسالة: "وجوب
إعفاء اللحية" للشيخ الكاندهلوي؛ فإنه قد خالف السلف، ومنهم إمام السنة
أحمد بن حنبل؛ فقد روى الخلال في "كتاب الترجل ": قال: أخبرني حوب،
قال: سئل أحمد عن الأخذ من اللحية؟ قال:
كان ابن عمر يأخذ منها ما زاد على القبضة. وكأنه ذهب إليه. قلت له: ما
(الإعفاء) ؟ قال: يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: كان هذا عنده الإعفاء.
أخبرني محمد بن أبي هارون: أن إسحاق حدثهم قال: سألت أحمد عن
الرجل يأخذ من عارضيه؟ قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة. قلت:
فحديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى"؟ قال: يأخذ من طولها ومن تحت حلقه ورأيت
أبا عبد الله يأخذ من طولها ومن تحت حلقه، وروى ابن هاني مثله في "مسائله "
(٢/١٥١/١٨٤٨) .
قلت: ثم قال الخلال: أخبرني عبيد الله بن حنبل قال: حدثني أبي قال:
قال أبو عبد الله: ويأخذ من عارضيه، ولا يأخذ من الطول، وكان ابن عمر يأخذ
من عارضيه إذا حلق رأسه في حج أو عمرة، لا بأس بذلك.
فأقول: هذا الرواية شاذة؛ إن لم أقل: منكرة عن الإمام أحمد، من ناحيتين:
الأولى: في قول أحمد: "ولا يأخذ من الطول ". فإنه مخالف لرواية حرب
لاسحاق المتقدمتين، ولعل ذلك من عبيد الله بن حنبل؛ فإنه غير معروف بالرواية؛