"كان عجباً في الورع والخير، متوقياً للشهرة، رأساً في العلم، مات سنة
(٩٦) كهلاً ".
قلت: فالظاهر أنه يعني من أدركهم من الصحابة وكبار التابعين وأجلائهم،
كالأسود بن يزيد - وهو خاله - وشريح القاضي، ومسروق وأبي زرعة - وهو الراوي
لأثر أبي هريرة المذكور آنفاً - وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، والآثار في الباب
كثيرة؛ بل إن بعضهم جعل الأخذ من اللحية من تمام تفسير قوله تعالى في
الحُجَّاج: {ثم ليقضوا تفثهم} ، فقال محمد بن كعب القرظي:
"رمي الجمار، وذبح الذبيحة، وأخذ من الشاربين واللحية والأظفار".
أخرجه ابن جرير بسند جيد عنه.
ثم روى عن مجاهد مثله. وسنده صحيح.
ومجاهد، ومحمد بن كعب من أجلة التابعين المكثرين من الرواية عن ترجمان
القرآن عبد الله بن عباس، والآخذين العلم عنه والتفسير، ولعلهما تلقيا منه تفسير
آية الحج هذه؛ فقد قال عطاء: عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ أنه قال في قوله: {ثم ليقضوا
تفئهم} ، قال:
"التفث: حلق الرأس، وأخذ من الشاربين، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقص
الأظفار، والأخذ من العارضين، ورمي الجمار، والموقف بعرفة والمزدلفة ".
أخرجه ابن جرير أيضاً، وإسناده صحيح.
ورواه ابن أبي شيبة من طريق أخرى عن عطاء بن أبي رباح قال:
"كانوا يحبون أن يعفوا اللحية؛ إلا في حج أو عمرة. وكان إبراهيم يأخذ من
عارض لحيته ".