وإنما من الرجل الأنصاري؛ فإنه مجهول، فإنه ليس بصحابي - كما يأتي عن ابن
القطان -، لكن أسنده بعضهم فقال ابن عدي: ثنا محمد بن أحمد بن بخيت:
ثنا إبراهيم بن جابر: ثنا يحيى بن إسحاق البجلي: ثنا عبد الله بن يحيى بن أبي
كثير عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة ... به.
قلت: فقد خالفهما يحيى بن إسحاق البجلي - وهو: السيلحيني - وهو ثقة من
رجال مسلم، وكان من الممكن عندي إعلال روايته بالشذوذ؛ لخالفته لمسدد - وهو:
ابن مسرهد -، وهو ثقة حافظ من شيوخ البخاري. ولمتابعة إسحاق بن أبي إسرائيل:
إبراهيم بن كامجرا المروزي، قال ابن القطان في "الوهم والإيهام " (١/٢٢/٢) :
"وكان ثقة؛ وله شأن، وترك الناس حديثه لرأي وقع له، فأظهره في القرآن من
الوقف؛ فترك وحيداً وهجر، وقد كان الناس إليه عنقاً واحدة، ولم يكن متهماً ".
قلت: حسبه فيما نحن فيه ثقته - ولا سيما وقد تابعه مسدد -، وأما تركه
من أجل رأي أخطأ فيه، أو أجبر عليه؛ فأراه خلاف علم المصطلح، وما جرى عليه
العلماء والأئمة في كتب السنة من الاحتجاج بالثقات من الخوارج والمرجئة
والمعتزلة، ومن أولئك الأئمة الشيخان وغيرهما، ألا ترى أن علياً بن المديني من
شيوخ البخاري وكان قد استجاب للقول بخلق القرآن خوف القتل؟ ومع ذلك فهو
لا يزال إماماً في الجرح والتعديل ومعرفة العلل، متميزاً في "ذلك على غيره - كما
هو معروف عند العلماء -.
ولقد رأيت الحافظ الذهبي رحمه الله قد أنصف إسحاق هذا في ترجمته إياه
في "السير" فقال في آخرها (١١ ٤٧٧ - ٤٧٨) :
"قلت: أداه ورعه وجموده إلى الوقف، لا أنه كان يتجهم؛ كلا ". ثم روى
عنه أنه قال: