والطريق الآخر: عن ابن أبي نجيح عنها. وهو مخرج في "الصحيحة" (١/ رقم
٢١٦) شاهداً.
والأمر الآخر: إذا تبين أن الخيرية التي أرادتها عائشة رضي الله تعالى عنها
إغ، هي السِّن، وليس السلوك؛ فهي حقيقة واقعة معروفة، فلا يتصور أن ينكرها
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليها. فهذا يؤكد أن هذه الزيادة منكرة، ولذلك استغلها الرافضي في
الطعن في عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ لأنها صريحة في إنكاره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليها. وقد رد
عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في فصل خاص عقده لذلك بيَّن
فيه فضل عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بأحاديث ذكرها، منها قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام ". متفق عليه، وهو
مخرج في "مختصر الشمائل " (١٤٨) وغيره، ثم تأول حديث الترجمة - بعد أن
أشار لضعفه - بتأويل آخر فقال:
"إن صح - معناه: ما أبدلني بخير لي منها، لأن خديجة نفعته في أول
الإسلام نفعاً لم يقم غيرها فيه مقامها؛ فكانت خيراً له من هذا الوجه ... " إلخ
كلامه، فراجعه (٤/٣٠١ - ٣٠٨) ، وما ذكرته قبل مما دل عليه السياق وبعض
الروايات أولى على فرض صحة هذه الجملة من الحديث. والله أعلم.
ثم رأيت ابن كثير قال في "البداية" (٣/١٢٨) عقب الحديث:
"تفرد به أحمد، وإسناده لا بأس به، ومجالد روى له مسلم متابعة، وفيه
كلام مشهور. والله أعلم، ولعل قوله: "ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء".
كان قبل أن يولد إبراهيم ابن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مارية، وقبل مقدمها بالكلية، وهذا
متعين؛ فإن جميع أولاد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما تقدم من خديجة إلا إبراهيم فمن مارية
القبطية المصرية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا".