وأما مع التفاوت، والتفاوت البعيد " فلا ينبغي أن يقال ذلك لما فيه من
الإيهام، وإنما يقال: "والموقوف هو المحفوظ " أو هو "الصحيح ". وفي ظني أن الشيخ
رحمه الله لم يكن مستحضراً لهذا التفاوت بين المرفوع والموقوف في هذا الحديث؛
ولذلك قال ما قال.
الثاني: عكس ذلك ابن القيم في آخر "الوابل الصيب "؛ فقال:
"يذكر عن أبي هريرة أنه قال: نعم البيت الحمام ".
قلت: وهذا خطأ أيضاً؛ لأنه - وإن كان قد حذف من كلام شيخه ابن تيمية
الرفع الموهم للتسوية المذكورة آنفاً - فقد أوهم بقوله: "يذكر" ضعف الموقوف أيضاً؛
لأن هذه الصيغة المبنية للمجهول موضوعة اصطلاحاً أيضاً للضعيف، أو هي على
الأقل لا تدل على صحة الموقوف هذا، وهو صحيح كما عرفت.
ولم يتنبه لهذا الخطأ الشيخ إسماعيل الأنصاري، أو أنه عرف، وكتم لغاية
في نفسه، لا تخفى على الأذكياء الذين يعيش في أرضهم - وتلك شنشنة نعرفها
من أخزم -! فقال في تعليقه على "الوابل " (ص ٢٨٤) بعد أن ذكر كلام ابن تيمية
المتقدم دون أي تعليق عليه:
"قلت: ولهذا لم يرفعه ابن القيم "!
فأقول: ولماذا أنت حابيت ابن القيم، فلم تبين للقراء خطأه في تصديره لهذا
الأثر الصحيح بقوله: "يذكر"؟! وإن جادلت في ذلك وقلت: إن ذلك ليس نصاً في
التضعيف، فنقول حينئذٍ: لماذا لم تبين لقرائك صحته؛ إن كنت عالماً بها؟! وبخاصة
أنك قد تعهدت في مقدمتك للكتاب (ص ٨) أن تبين درجة ما لم يبينه ابن القيم،
فكيف وهو هنا ليس لم يبين فقط، بل أشار إلى تضعيف الأثر، وهو صحيح؟! وكم