للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وساق الذهبي في ترجمته عدة أحاديث، ثم قال: " وهذه موضوعات "! والمقدام بن داود ليس بثقة كما قال النسائي. فبطلت هذه المتابعة أيضا. وذكر له ابن عراق شاهدا آخر من حديث ابن مسعود وقال (٢ / ٣٧٣) : " أخرجه ابن عساكر في تاريخه ". وسكت عليه.

وهو عند ابن عساكر (١٦ / ٣٠٢ / ٢) من طريق المظفر بن الحسن بن المهند: أخبرنا أحمد بن عمر بن جوصا: أخبرنا أبو عامر موسى بن عامر: أخبرنا الوليد بن مسلم: أخبرنا شيبان أبو معاوية عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا به.

وهذا إسناد واه، وآفته ابن المهند هذا، ففي ترجمته أورده ابن عساكر ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولا ذكر له شيئا من أحواله إلا أنه مات سنة (٣٨١) بـ (أشنه) (٢) . وأحمد بن عمر بن جوصا، قال الذهبي: " صدوق له غرائب ". وقال الدارقطني: " لم يكن بالقوي ".

وقال مسلمة بن قاسم: " كان عالما بالحديث مشهور ابالرواية، عارفا بالتصنيف، وكانت الرحلة إليه في زمانه، وكان له وراق يتولى القراءة عليه وإخراج كتبه، فساء ما بينهما، فاتخذ وراقا غيره، فأدخل الوراق الأول أحاديث في روايته وليست من حديثه، فحدث بها ابن جوصا، فتكلم الناس فيه، ثم وقف عليها فرجع عنها ". قلت: فلعل هذا الحديث مما دسه عليه ذلك الوراق ليشينه به، هذا إن كان ابن المهند سمعه منه، وحفظه عنه. ثم إن الوليد بن مسلم وإن كان ثقة فقد كان يدلس تدليس التسوية، وقد عنعن في إسناده فلا تقوم الحجة به، إن سلم ممن دونه! وبالجملة، فهذه الطريق خير طرق هذا الحديث، ومع ذلك فلا يثبت الحديث بها لما علمت من العلل التي فيها. واعلم أن الحافظ السخاوي بعد أن أورد الحديث في " المقاصد " (ص ٣١) من الطريق الأولى [وأولها] بقوله: " وسليمان متروك، بل اتهم بالكذب والوضع ". استدرك فقال: " ولكن لم يزل عمل السلف والخلف على هذا ".

فينبغي أن يعلم أنه لا يلزم من ذلك أن الحديث صحيح، لأنه تضمن شيئا زائدا على ما جرى عليه العمل، ألا وهو تعليل الدفن وسط القوم الصالحين، وهذا لا يستلزم ثبوت التعليل المذكور


(١) بالضم ثم السكون وضم النون وهاء محضة: بلدة في طرف أذريبجان كما في " معجم البلدان ". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>