أولاً: اعتقاده بأن الله موجود بلا مكان: تدليس خبيث، لأنها كلمة حق
أريد بها باطل، لأن ظاهرها تنزيه الخالق - سبحانه وتعالى - عن الحلول في المكان
المخلوق الذي يقول به المعتزلة والإباضية - كما فِي حَدِيثِهم هذا -، وهذا التنزيه حق
واجب - كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله -، ولكن الذي يرمي إليه هذا المدلس
ويقصده هو تعطيل صفة علو الله تبارك وتعالى على عرشه والمخلوقات كلها، وكونه
تعالى فوقها، فإنه من ضلاله البالغ أنه يسمي هذه الفوقية مكاناً تمهيداً لنفيها!
وتعليقاته كلها تدور حول هذا النفي، ويعطل كل دلالات الآيات والأحاديث
بتأويلها! وتعطيل معانيها! ولنقدم على ذلك مثالاً واحداً، ألا وهو قوله تعالى:
{أأمنتم من في السماء} ، فإنه يعطله بمثل قوله: "إما أن يقال ... ، وإما أن
يقال: ... "!! ثم قال (ص ١٣٩) :
وقوله تعالى: {أأمنتم من في السماء} مؤول عند المجسمة بـ (من على
السماء) ... " إلخ.
ونقول هذا ليس تأويلاً - أيها الجاهل المتعالم! - كما بينه العلماء، حتى
بعض المؤولة لبعض النصوص، كالحافظ البيهقي الذي قال في أكثر من موضع من
كتابه "الأسماء والصفات" (٣٧٧ و٤١١ و٤٢١) ، وكذلك في كتابه الآخر
"الاعتقاد" (ص ١١٣) :
"فمعنى الآية: من على العرش، كما صرح به في سائر الآيات".
وذكر في الباب الآيات التي أشار إليها، فهل الإمام البيهقي - أيها الضال
المضل! المكفر لأئمة المسلمين! - هو أيضاً مجسم عندك، لأن القائلين بعلو الله
على خلقه هم مجسمة عندك، والمجسمة كفار لديك؟!