سماوات - كما قالت الجماعة -، وهو من حجتهم على المعتزلة والجمهية في
قولهم: إن الله عَزَّ وَجَلَّ في كل مكان، وليس على العرش، والدليل على صحة ما
قاله أهل الحق في ذلك ... ".
ثم ذكر الآيات الدالة على ذلك، ورد على المعتزلة الذين ادعوا المجاز في آية
الاستواء وغيرها في بحث واسع مفيد جداً، فليراجع.
بل إن ابن الجوزي نفسه قد سلك سبيل الجماعة في تفسير الآية خلافاً
لحيده عنهم في "دفعه"! فقال في تفسيره "زاد المسير" (٤/٣٢٢) :
"قال ابن عباس: أأمنتم عذاب من في السماء وهو الله عَزَّ وَجَلَّ ".
فلم يقل - كما قال مقلِّد ذاك الضال -:
"أأمنتم من تزعمون أنه في السماء"!
وفي الواقع إني لأشفق على هذا الرجل، لعرامته في ضلاله، وغلوه وجرأته
في مخالفة أئمة المسلمين، بل وتكفيرهم! وأخذه باقوال المعتزلة وأشباههم من
الضالين قديماً وحديثاً، فهو لا يحسن أن يأخذ من الأقوال المختلفة إلا أضلها،
ويعرض عما كان منها صواباً محضاً، الأمر الذي يذكرني بذاك الرجل الذي أتى
راعياً فقال: أعطني شاة من غنمك؟ فقال له: اذهب فخذ بأذُن خيرها. فذهب
فأخذ بأذن كلب الغنم! وإني لأظنه أنه لم يقل يوماً ما داعياً ربه اقتداءً بنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"للَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ! فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ! عَالِمَ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ! أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ
فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" (*) .
(*) كذا في الأصل عند الشيخ رحمه الله تعالى، لم يأتِ بـ (ثانياً) ... الخ. (الناشر)