وإن مما لا شك فيه - على ما تقتضيه القواعد الحديثية - أن الأول أرجح، لأنها زيادة
من ثقات، فهي مقبولة، ولا سيما وهم أكثر، ومعهم رواية ابن لهيعة التي لم
يختلف عليه فيها، وهو ممن يستشهد به - كما هو معروف -.
وعلى ذلك فينبغي أن ننظر في حال (وداعة الحمدي) هذا، فأقول:
لم يذكروا فيه أكثر مما في هذا الإسناد: أنه روى عن مالك بن عبادة، وعنه
يحيى بن ميمون. هكذا في كتاب البخاري وابن أبي حاتم و "ثقات ابن حبان"،
ذكره أولاً في (التابعين) ، وقال (٥/٤٩٦) :
"عداده في أهل مصر والشام، روى عنه أهلها ويحيى بن ميمون ".
ثم ذكره ثانياً في (أتباع التابعين) ، وقال (٧/٥٦٦) :
"وداعة الغافقي - مكان: (الحمدي) - روى عن أبي موسى الغافقي،روى
عنه يحيى بن ميمون".
قلت: وهذا من تناقضاته الظاهرة، فإن أبا موسى الغافقي صحابي باتفاقهم،
وقد ذكره ابن حبان نفسه في "الصحابة" - كما تقدم -. فكيف يذكره في (أتباع
التابعين) أيضاً؟!
ثم إن الصحيح في نسبة: (وداعة) إنما هي: (الحميدي) ... لا: (الغافقي)
- كما حققه المعلق على "تاريخ البخاري" -، ولعل نسبة (الجهني) - التي تقدمت
في كلام الحاكم - محرفة من الناسخ أو الطابع من: (الحمدي) . والله أعلم.
ويتلخص مما ذكر: أن الرجل مجهول لا يعرف إلا بهذه الرواية، فهو علة هذا
الحديث، فهو يخدج فيما أشار إليه الحاكم إلى صحته في كلامه الذي نقلته قبل.
وتمام كلامه: