وفي رواية لابن عساكر: عبيد بن المنهال، وقال عقبهما:
"كذا قال: (عبيد بن المنهال) ... وإنما هو: (عبيد الله بن المنهال) ،وأسقط منه:
(سليمان بن قسيم) ".
وأقول: عبد الله هذا - أو عبيد، أو: عبيد الله -: لم أجد له ترجمة.
وشيخه سليمان بن قسيم - ويقال: ابن يسير -: ضعيف اتفاقاً. وقال ابن
حبان (١/٣٢٩) :
"يأتي بالمعضلات عن أقوام ثقات".
فأقول: وإن مما [لا] شك فيه أن هذه الحديث من معضلاته، لمخالفته للنص
القرآني: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ... } الآية، وما يذكر
في بعض الآثار: أن القواعد كانت قبلهما، وأنهما رفعا البيت عليها، فليس في
شيء منها ما يصلح للاحتجاج به رواية، لأنها بلاغات ومقطوعات، ليس فيها
مرفوع إلا هذا الحديث المنكر، كما يظهر ذلك لمن درس أسانيدها في "تاريخ ابن
عساكر"، و"تفسير ابن جرير الطبري" وغيرهما، مع مخالفتهما للآية - كما تقدم -.
ثم رأيت الحافظ ابن كثير قد ذكر نحو هذا في تاريخه "البداية" فقال (١/١٦٣) :
"ولم يجئ في خبر صحيح عن معصوم أن البيت كان مبنياً قبل الخليل عليه
السلام، ومن تمسك في هذا بقوله {مكان البيت} ، فليس بناهض ولا ظاهر،
لأن المراد: مكانه المقدر في علم الله المقرر في قدرته، المعظم عند الأنبياء موضعه، من
لدن آدم إلى زمان إبراهيم، وقد ذكرنا أن آدم نصب عليه قبة، وأن الملائكة قالوا
له: قد طفنا قبلك بهذا البيت، وأن السفينة طافت به أربعين يوماً أو نحو ذلك،
ولكن كل هذه الأخبار عن بني إسرائيل. وقد قررنا أنها لا تصدق، ولا تكذب،
فلا يحتج بها، فأما إن ردها الحق فهي مردودة، وقد قال الله: {إن أول بيت
وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين} ".