"وروينا في إسلامه الحديث الطويل المشهور، وتركناه خوف التطويل ".
فالظاهر أنه يعني حديث أبي ذر نفسه؛ فإنه يستحق الوصف المذكور "الطويل
المشهور"؛ فإنه ضعف حديث ابن عباس في الطول! ويبعد جداً أن يعني حديث
الترجمة لقصره، وإن كان قوله المتقدم في ترجمة أم ذر يوهم ذلك.
وإذا عرفت ضعف حديث الترجمة؛ فلا يصح حينئذ الاستدلال به على
صحبة أم ذر، فتبقى على تابعيتها. ثم هي غير معروفة إلا في قصة وفاة أبي ذر
التي أشار إليها الحافظ، وهي من طريق يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن
خيثم عن مجاهد عن إبراهيم بن الأشتر عن أبيه عن أم ذر.
وهذ إسناد مجهول، ضعيف، مضطرب:
١ - أما الجهالة؛ فإبراهيم بن الأشتر - وهو: ابن مالك بن الحارث - فإنه لم
يوثقهما غير ابن حبان، ولا يعرفان بالرواية إلا في هذا الحديث مع كونهما من
الأشراف والأبطال - كما قال الذهبي في "السير" -؛ بل قال في إبراهيم:
"وما علمت له رواية ".
وهذا وإن كان يستدرك عليه بهذا الحديث؛ فإنه على الأقل يدل على أنه غير
معروف بالرواية، وإنما بالشجاعة والبطولة، ونحو ذلك يقال في أبيه، حتى أن ابن
حبان نفسه لم يذكر في ترجمته (٥/٣٨٩) له راوياً! ولا ذكر في ترجمة ابنه
(٦/٥) له راوياً غير مجاهد الذي هنا. فللرواية رجال، وللبطولة رجال.
٢ - وأما الضعف؛ فهو يحيى بن سليم - وهو: الطائفي - فإنه - وإن كان من
رجال الشيخين - فقد تكلم فيه بعض الحفاظ المتقدمين من قبل حفظه مع كونه
ثقة في ذات نفسه، ولخص كلامهم الحافظ فقال في "تقريبه":
"صدوق سيئ الحفظ".