"قلت: ومرسل الحسن أخرجه أبو داود في "مراسيله" (٣٢) نحو هذا"!!
وهذا من بالغ غفلته وجهله بالفرق الشاسع بين الحديثين، فإن لفظة (نحوه) تعني في علم المصطلح، أي: في المعنى. وقد تبين أنه مختلف، وكأنه اغتر بكلام المعلق الأول - وهو شيخه كما يزعم - ثم لخصه بقوله:"نحوه". ومع أن شيخه قد حسن إسناد حديث أبي سعيد كما رأيت - وهو في ذلك مصيب - فإن التلميذ العاق قد شرد عنه بعيداً، فإنه قد أتبع الحديثين بشاهدين من حديث عبد الله بن مسعود، وحديث أبي أمامة، أخذ تخريجهما، وتخريج ما قبليهما من كتابي "الإرواء"، ثم قال عقب ذلك - مشيراً إلى مخالفته تصحيحي للحديث بمجموع طرقه، قال المجتهد الأكبر الذي ينبغي للقراء أن يخضعوا لقوله -:
"وأرى أن يتمهل في تحسين هذا الحديث (يشير إلى تحسين شيخه) ، أو تصحيحه بهذه الشواهد"! يشير إلى تصحيحي!
هكذا قال - هداه الله - دون أن يذكر سبباً! والعلماء في مثل هذا الموقف يعللون ذلك بمثل قولهم: لشدة ضعف هذه الشواهد، أو لشذوذها، أو نكارتها، أو مخالفتها للقرآن، أو لما عليه علماء الإسلام، أو لتضعيف علماء الحديث، ونحو ذلك من العلل، ولكنه لما كان الأمر على خلاف ذلك - وأظن أنه هو على معرفة به - فالشواهد خالية من الضعف الشديد كما تبين ذلك من تخريجه هو - مع أنه مبتور - وعمل به علماء المسلمين، وصححه بعض الحفاظ، وعليه مذهب أحمد وغيره، كما ذكر ابن القيم نفسه في "الإغاثة" الذي سود عليه (المصنف) تعليقه، إذن، ماهو السبب؟ الجواب: هو الهوى وحب الظهور، ولو بالمخالفة والمشاكسة والمعاندة وبطر الحق. والعياذ بالله تعالى. وهذا أمر ظاهر في كل تعليقاته، يعرف ذلك كل من تتبعها. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.