فمن أين لو كان له أوهام، كما يزعم (المضعف) ؟! ولولا أن من عادته الطعن في الثقات من الرواة - تظاهراً بالتحقيق! - لكان هناك احتمال كبير أن يكون قلمه سبقه - لأنه كثير التحويش - أراد أن يقول:(الفضيل بن ميسرة) فكتب (المعتمر ابن سليمان) ، ولا سيما وهو مجرد ناقل غير حافظ! وهذا يذكرني بحكاية (جحا)
الراعي حين فجأ أهل القرية - مازحاً - بأن الذئب سطا على الغنم، فصدقوه، وفي المرة الأخرى كذبوه، مع أنه كان صادقاً فيها!!
والرجل الآخر: الشيخ شعيب، فإنه قال في التعليق على "الإحسان":
"حديث حسن، أبو حريز حديثه حسن في الشواهد، فقد توبع".
ثم خرجه من طريقين آخرين ضعيفين عن عكرمة قال:"به"، مع أنه ليس فيهما الزيادة، وفي أحدهما زيادة أخرى مستنكرة، خرجته من أجلها في "ضعيف أبي داود"(٣٥٢) ، وهو بدون الزيادتين متفق عليه من حديث أبي هريرة، وهو مخرج في "الإرواء"(٦/٢٨٨ - ٢٩٠) مع أحاديث أخرى نحوه، وبعضها في "الإحسان"(٤٠٦٨، ٤١١٧، ٤١١٨) . ولذلك، فإني أستبعد صدور مثل هذا التحسين والتخريج الهزيل ممن مضى عليه زمن طويل في هذا الفن، ويغلب على الظن أنه من بعض المتمرنين على يديه من الموضفين، وهذا من شؤم الإعراض عن قول العلماء:(من بركة العلم عزو كل قول إلى قائله) . وإن من آثار هذا الإعراض: تعدد أسماء المحققين على الكتاب الواحد، حتى وصلت في بعض المطبوعات إلى خمسة أسماء أو أكثر! وبذلك تضييع مسؤولية الأخطاء العلمية التي تقع في الكتاب! وهذا يذكرني بإلغاء وظيفة (المفتي) ، واستبدال (لجنة الإفتاء) بها، ومن أسباب ذلك قلة العلماء.