ثم إن هناك سبباً آخر لحديث (أم وزع) ذكره الحافظ أيضاً من رواية النسائي، يعني: في "الكبرى"(٥/٣٥٨/٩١٣٨) من طريق عمر بن عبد الله بن عروة عن عروة عن عائشة قالت:
فخرت بمال أبي في الجاهلية، وكان ألف ألف أوقية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"اسكتي يا عائشة! فإني كنت لك كأبي زرع لأم زرع".
قلت: وسكت عليه فأشعر بثبوته، بل قد صرح بصحته قبيل ذلك (٩/٢٥٧) ، وفيه نظر، فقد أخرجه النسائي، وكذا البخاري في "تاريخه"(١/١/٢٢٤ -٢٢٥) ، وابن أبي عاصم في "السنة"(٢/٥٧٨/١٢٣٨) ، والطبراني
في "المعجم الكبير"(٢٣/١٧٣ -١٧٦) من طريق محمد بن محمد بن محمد أبي نافع: حدثني القاسم بن عبد الواحد: حدثني عمر بن عبد الله بن عروة به.
قلت: وتصحيح هذا الإسناد من الحافظ من غرائبه، فإن هؤلاء الثلاثة من عمر، ومن دونه هم في "تقريبه" من (المقبولين) ، أي: عند المتابعة، وإلا، فلين الحديث، كما نص عليه في "مقدمته". أعني لـ "تقريبه"، يعني: أن أحدهم
يكون ضعيف الحديث عند التفرد، وبالأولى عند المخالفة - كما هو الشأن هنا -، فإن هذا السبب لم يرد في شيء من طريق الحديث عن عروة، وقد تكلم الحافظ عليها، وأشار إلى زوائدها وفوائدها، ومنها هذا الطريق، وأنا أرى أن مثله لا ينبغي أن يعتد بما فيه من زيادة، أو فائدة وهو مسلسل بـ (المقبولين) عنده، ولا سيما والحافظ الذهبي قد أورد هذا الحديث في "الميزان" من مناكير (القاسم بن عبد الواحد) وقال عقبه:
"قلت: "ألف" الثانية باطلة قطعاً، فإن ذلك لا يتهيأ لسلطان العصر".