"قلت: هذا الكلام لا يتمشى على أصلنا، فإن كل هؤلاء من أهل القرن الثاني أو الثالث، ومراسيلهم مقبولة عندنا!
ثم ختم الشيخ التهانوي فصله بأن الحق (المدلس) من القرون الثلاثة بـ (المرسِل) منهم! (ص ١٥٨ - ١٥٩) .
وعلى هذا فإني أقول: على علم الحديث السلام، وعلى جهود المحدثين في حفظهم للأسانيد، ومعرفة طبقات الرواة ووفياتهم، وعلل الحديث، كالإرسال، والانقطاع، والإعضال، والتدليس وأنواعه، فقد عاد كل ذلك على مذهبهم مما لا قيمة له تذكر، فإن أصحاب الكتب الستة مثلاً كلهم من القرن الثالث، وآخرهم وفاة الترمذي (٢٧٩) ، فإن قال أحدهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من فوقه، صار الحديث عندهم صحيحاً! ولذلك كثرت الأحاديث الضعيفة، بل والموضوعة في كتبهم أكثر مما هي في كتب غيرهم من بقية المذاهب الأربعة، وكثير منها لا
سنام لها ولا خطام، وبنوا عليها مع ذلك علالي وقصوراً وأحكاماً، وهي التي يتلطف نابغتهم الحافظ الزيلعي في الحكم عليها بقوله: "غريب"! مكان قول المحدث: "لا أصل له"!
وبعد، فإن المقصود هنا: أن بعض محققيهم كأنه رأى أن في إطلاق لفظ (العدل) في تعريفهم للحديث (المرسل) توسعاً غير مرضي، ولا هو محمود العاقبة، وبخاصة مع ذلك التوسع الآخر "القرون الثلاثة"! فقيَّده بقوله:
"المرسل: قول الإمام الثقة: قال عليه الصلاة والسلام".
هكذا قاله المحقق ابن الهمام وهو من كبار علمائهم، وله آراء يخالف فيها مذهبهم، مما يدل على أنه من المجتهدين في المذهب، قال ذلك في كتاب "التحرير