وفي القصة نكارة أخرى، وهي قذف عوف رضي الله عنه للدرع؛ فإنه يدخل في باب إضاعة المال المنهي عنه في حديث المغيرة رضي الله عنه في " الصحيحين " وغيرهما، وما كان للنبي، ولا أن يقر ذلك؛ بله أن يحض على ما ينتج، أو يكون سبباً لذلك.
نعم؛ يمكن أن يقع نحوه من بعض الجاهدين باجتهاد منه مأجور أجراً واحداً، أولغلبة حب الاستشهاد في سبيل الله، والنكاية في أعداء الله؛ كما جاء في قصة استشهاد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة (مؤتة) ، حين اقتحم
عن فرسه وعقرها، ثم قاتل حتى قتل رضي الله عنه. (صحيح أبي داود: ٢٣١٨) ، فهذا مغتفر منه؛ لأنه كان عن اجتهاد منه؛ كما قال الحافظ في " الفتح "(٦/٩٧) ، واستدل على ذلك بقوله:
"والأصل عدم جواز إتلاف المال؛ لأنه يفعل شيئاً محققاً في أمر غير محقق ".
قلت: وهذا هو العلم والفقه الصحيح، وقد أشار إلى ذلك الإمام البخاري بقوله في " صحيحه ": (باب: من لم ير كسر السلاح عند الموت". وإن مما لا شك فيه أن القذف المذكور في القصة يدخل في هذا الباب وفي الأصل المتقدم عن الحافظ؛ كما هو جلي ظاهر.
هذا؛ ولقد كان من البواعث على تخريج هذا الحديث أنني قرأت في " جريدة