الكلام بدون توقيع أيضاً؛ فلم ندر من هو صاحب المنهج والتخريج، ويلاحظ في كلامه تكرار مخل وممل لبعض الجمل مما يشير إلى أنه حديث عهد بالكتابة أيضاً، وهذا النوع من الغموض والعي في البيان إن دل على شيء - كما يقول بعضهم اليوم -؛ فإنما يدل على أن الأمر قد وسد إلى غير أهله! ومجال تأكيد ذلك واسع جداً جداً، ولا فائدة من ذلك تذكر، ولا سيما في هذه المناسبة، ولكن حسبي من ذلك مثالان فقط للعبرة:
الأول: ترجم لـ (أحمد بن يونس) الثقة، ولا فائدة هنا من توثيقه، وفوقه من لا يوثق به، وبخاصة شيخه (سلام بن سليم) المتروك، ومع ذلك سكت عنه، وما ذاك؛ إلا لأنه لم يعرفه، ولو عرفه؛ لم يجز له أن يغمض عينه عنه،
ويوثق من دونه!
والأخر: أول حديث يواجهنا في" الوسيط " ما ساقه بإسناده (١/ ٤٦) عن البراء بن عازب مرفوعاً بلفظ:
" العلماء ورثة الأنبياء، يحبهم أهل السماء، ويستغفر لهم الحيتان في البحر إلى يوم القيامة".
فقال مخرجه المجهول:
" أخرج البخاري صدره في الصحيح - كتاب العلم - باب العلم قبل العمل ١/ ٢٣ - ٢٤ بلفظ: " العلماء ورثة الأنبياء"،. والترمذي ... ".
قلت: هذا العزو فقط للبخاري يشعر العارفين بهذا العلم الشريف أن المخرج المجهول لم يشم بعد رائحته، ولم يعرف " صحيح البخاري "، وأنواع الأحاديث الواردة فيه، وأن منها المسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى غيره من الصحابة ومن