" وكأن اختلاف هذه المقادير محمول على اختلاف تعذيب الكفار في النار ".
فأقول: هذا الجمع لا بد من المصير إليه بعد التبين من ثبوت كل رواية؛ على طريقة أهل الحديث؛ وإلا؛ فقد ذكر الحافظ في جملة ما ساق من الروايات رواية مسلم هذه الشاذة ساكتاً عنها!
والمقصود: أن الطريق الأولى والثانية عن أبي هريرة، تؤكدان خطأ ما نسبه إليه (هارون بن سعد) ، وأن الغلظ الذي ذكره لجلد الكافر إنما هو لجسده، ومقعده في جهنم.
رابعاً وأخيراً: إن النظر السليم يؤكد خطأ (هارون) في جمعه في حديثه بين وصفين متناقضين؛ ذلك؛ لأن الضرس أغلظ عادة من الجلد، فإذا صح أن الضرس مثل جبل أحد، فكيف يكون الجلد أغلظ منه بنسب لا تحصى؟! إني أكاد أن أجزم أنه أراد:(الجسد) فقال: "الجلد" والله سبحانه وتعالى أعلم.
ومثل هذا الخطأ وأشد منه: ما رواه البيهقي (٦١٨) من طريق الفضل بن موسى عن الفضيل بن غزوان عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:
" ما بين منكبي الكافر مسيرة خمس مئة عام للراكب المسرع".
فقوله:" خمس مئة " منكر جداً، مع مخالفته للطريقين المشار إليهما عند الشيخين والبيهقي فيما تقدم بلفظ: