على إياس من ذلك؛ فكم من حديث تردد فيه الحفاظ هل هو حسن، أو ضعيف، أو صحيح؛ بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده في الحديث الواحد، فيوماً يصفه بالصحة، ويوماً يصفه بالحسن ولربما استضعفه! وهذا حق "؟
قلت: فإذا كان هذا حال كثير من الحفاظ في التردد في الحديث الحسن بل والحافظ الواحد؛ فماذا على مثلي إذا تردد أو تغير اجتهاده في الحديث الواحد؟ فكيف والتغير ليس في الحديث الواحد، وإنما في حديث آخر له، وقد اقترن به من المخالفة والنكارة ما سبق بيانه، وهو مما غفل عنه المنتقد المشار إليه، وكأنه غفل أيضاً عن الحديث الشاذ، وهو من رواية الثقة الذي يصحح حديثه إلا عند المخالفة، ومثله الحديث المنكر الذي هو من رواية من دونه في الحفظ، والأصل فيه أنه حسن الحديث إلا عند المخالفة، وصدق الله العظيم {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} .
رابعاً: قول الأستاذ الفاضل سفر الحوالي في كتابه " ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي " (٢ /٦٨٦) - تعليقا على هذا الحديث؛ مع أنه صدره بقوله:
" روي ... "؛ المشعر بضعف المروي اصطلاحاً، فإنه مع ذلك قال - في " الحاشية ":
" سبق تخريجه، وأنه حسن إن شاء الله، ويدل لصحة معناه حديث جبريل ... ".
قلت: فالتحسين ينافي التضعيف المشار إليه! الأمر الذي جعلني أقول: لعل المؤلف لم يُراع بالتصدير المذكور الاصطلاح المشار إليه، أو أن (الُمحشّي) هو غير المؤلف. والله أعلم.
وقوله: " ويدل لصحة معناه ... "؛ فأقول: صحة المعنى لا يدل بالضرورة على صحة المبنى؛ فكم من حديث لا أصل له والمعنى صحيح - كما هو معلوم -.