في المجلس، بل كان في المقصد والنية الشهوات المحرمة، بأن تصور في نفسه شيئاً من ذلك واستحسن أن يكون موجوداً في المجلس -؛ فهذا السماع حرام حينئذٍ على كل من سمعه بعينه بحقه هو في نفسه باعتبار قصده هو ونيته؛ لأنه داعٍ في حقه إلى الوقوع ". ثم قال:
"هذا مقدار ما يحرم من سماع الآلات المطربة والنغمات الطيبة؛ لما يترتب على ذلك من الوقوع في المحرمات العينية، لا لعين ذلك السماع في نفسه.
وأما المباح في ذلك فهو إذا كان المجلس خالياً من الخمر والزنى واللواط، والمس بشهوة، والتقبيل والنظر بشهوة لغير الزوجة والأمة، وكان لذلك السامع قصد حسن ونية صالحة وباطن نظيف طاهر من الهجوم على الشهوات المحرمة - كشهوة الزنى أو اللواط أو شرب الخمر أو شيء من المسكرات أو المخدرات -، وكان قادراً على ضبط
قلبه وحفظ خاطره، من أن يخطر فيه شيء مما حرمه الله عليه، واذا خطر؛ يقدر على دفعه من قلبه، وغسل خاطره منه في الحال، ولا يضره تكرر وقوع ذلك في القلب بعد أن يكون مراقباً للامتناع من قبوله؛ فإنه يجوز له أن يسمع هذا السماع المذكور حينئذ بأنواعه كلها، ولا يحرم عليه شيء من ذلك، ولا يكره له ما دام موصوفاً بما ذكرناه؛ لأنه طاهر نظيف حينئذ في ظاهره وباطنه، فلا يوقعه السماع المذكورفي شيء مما نهى الله تعالى عنه؛ فهو مباح له، وان لم يكن من أهل المعرفة بالله تعالى وبتجلياته، بأن كان عامياً جاهلاً غافلاً، أو كان عالماً. محجوباً بعلمه عن
شهود معلومه.
وأما إذا كان من أهل المعرفة والشهود - فلا تخلو الأرض منهم في كل زمان ومكان إلى يوم القيامة، وإن أنكرته أهل الغفلة؛ لانطماس البصائر وفقد اليقين -؛ من القلوب - فيصير السماع المذكور حينئذ في حقه مستحباً، مندوباً إليه يثاب