هذا، وليس فيه شيء من التحقيق سوى النقل؛ بل مر على كل تحريفات المؤلف ودعاويه الباطلة، وتحقيره للفقهاء المخالفين لهواه، فيكثر من وصفهم بـ "الفقهاء الجهلة "؛ في الوقت الذي كتم النقول الصحيحة عن الأئمة في تحريم آلات الطرب إلا الدف، - كما تراه مفصلاً في كتابي المشار إليه آنفاً -، فقال (حموش) في آخر مقدمته لكتاب النابلسي (ص ١٢) :
" وسواء اتفقنا مع المؤلف في الرأي أم خالفناه؛ فإن في عرضه الوافي للحجج والأدلة والبراهين ما ينير لنا السبيل، ويجعل كلاً منا يعتمد رأياً يعتقده، ويميز فيه بين الغث والسمين "!
وهذا كلام هش.. إنما هو غثاء كغثاء السيل، لا غَناء فيه؛ فمن الذي يستطيع أن يميز بين الحجج الواهية والأدلة القوية ليتبين بها السبيل، ولا أعتقد أن سلفياً - مهما كانت سويته العلمية منحطة - يسمح لنفسه أن يميع الحق الجلي الواضح بمثل هذه العبارة، وظني أن كاتبها إنما علق على هذا الكتاب قبل أن يتعرف على الدعوة السلفية، وإلا؛ كيف يقبل هذا الكاتب من المؤلف تحقيره للفقهاء - كما سبقت الإشارة إليه -؟! وفيهم إبراهيم بن محمد الحنفي المتوفي سنة ٩٥٦ هـ، وهو من كبار محققي علماء الحنفية، ومن كتبه " الرهص والوقص لمستحل الرقص "،
ولا بد أن الشيخ النابلسي الحنفي (!) كاذ قد وقف على هذا الكتاب؛ لأنه كان متقدماً على النابلسي بأكثر من قرن - كما يتبين ذلك من تاريخ وفاتيهما -، و"الرهص " هذا في الحقيقة من أحسن ما ألف في الرد على هؤلاء الصوفية الأَكلة الرَّقصَة من عالم فاضل مشهور بمؤلفاته، ومنها كتابه " منية المصلي " وهو من أحسن كتب الحنفية المختصرة؛ لأنه يذكر فيه أدلة المسائل من الكتاب والسنة، فهو في هذا مثل " منار السبيل " في كتب الحنابلة الذي كنت خرجت أحاديثه قديماً