للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فكيف يثبت ضبطه وليس له من الحديث إلا القليل بحيث لا يمكن سبره وعرضه على أحاديث الثقات ليحكم له بالضبط أو بخلافه، أو بأنه وسط بين ذلك. كما هو طريق من طرق الأئمة النقاد في نقد الرواة الذين لم يرو فيهم جرح أو تعديل ممن قبلهم من الأئمة.

ويكفي في إبطال هذا القول مع عدم وروده في " علم المصطلح " أنه مباين لما جاء فيه: أن أقل ما يرفع الجهالة رواية اثنين مشهور ين كما تقدم عن الخطيب. ولما تعقبه بعضهم بأن البخاري روى عن مرداس الأسلمي، ومسلما عن ربيعة بن كعب الأسلمي ولم يرو عنهما غير واحد.

رده النووي في " التقريب " بقوله (ص ٢١١) : " والصواب نقل الخطيب، ولا يصح الرد عليه بمرداس وربيعة فإنهما صحابيان مشهور ان، والصحابة كلهم عدول ".

وأيده السيوطي في " التدريب " فقال عقبه: " فلا يحتاج إلى رفع الجهالة عنهم بتعداد الرواة، قال العراقي: هذا الذي قاله النووي متجه إذا ثبتت الصحبة، ولكن بقي الكلام في أنه هل تثبت الصحبة برواية واحد عنه أولا تثبت إلا برواية اثنين عنه، وهو محل نظر واختلاف بين أهل العلم، والحق أنه إن كان معروفا بذكره في الغزوات أو في من وفد من الصحابة أو نحوذلك فإنه تثبت صحبته ".

قلت: فتأمل كلام العراقي هذا يتبين لك بطلان قول الكوثري، لأنه تساهل في إثبات عدالة التابعي الكبير فلم يشترط فيه ما اشترطه العراقي في إثبات الصحبة المستلزمة لثبوت العدالة! فإنه اشترط مع رواية الواحد عنه أن يكون معروفا بذكره في الغزوات أو الوفود. وهذا ما لم يشترط الكوثري مثله في التابعي!

فاعتبروا يا أولي الأبصار. ولعله قد وضح لك أنه لا فرق بين التابعي الكبير ومن دونه في أنه لا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم. وتثبت العدالة بتنصيص عدلين عليها أو بالاستفاضة. كما هو معلوم.

٦ - قال: " أما من بعدهم فلا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم وهكذا ". قلت: بل والتابعي الكبير كذلك كما حققناه في الفقرة السابقة.

٧ - قال: " والحارث هذا ذكره ابن حبان في " الثقات "، وإن جهله العقيلي وابن الجارود وأبو العرب ". قلت: فيه أمران:

الأول: أنه تغافل عن أئمة آخرين جهلوه، منهم الإمام البخاري والذهبي والعسقلاني وغرضه من ذلك واضح وهو الحط من شأن هذا التجهيل!

والآخر: اعتداده بتوثيق ابن حبان هنا خلاف مذهبه الذي يصرح في بعض تعليقاته (١) بأن ابن حبان يذكر في " الثقات من لم يطلع على جرح فيه، فلا يخرجه ذلك عن حد الجهالة عند الآخرين، وقد رد شذوذ ابن حبان هذا في (لسان الميزان) ".


(١) انظر " مقالات الكوثري " (ص ٣٠٩) ، و" شروط الأئمة الخمسة " (ص ٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>