للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

" البرهان " حديث معاذ في القياس فقال: هو مدون في " الصحاح " متفق على صحته. كذا قال، وأنى له الصحة، ومداره على الحارث بن عمرو وهو مجهول، عن رجال من أهل حمص لا يدري من هم؟ عن معاذ ".

ثم تعقبه السبكي بنحو ما سبق من تعقب الحافظ لابن طاهر، ولكنه دافع عنه بوازع من التعصب المذهبي، لا فائدة كبرى من نقل كلامه وبيان ما فيه من التعصب، فحسبك أن تعلم أنه ذكر أن الحديث رواه أبو داود الترمذي، والفقهاء لا يتحاشون من إطلاق لفظ " الصحاح " عليها.

فكأن السبكي يقول: فللإمام أسوة بهؤلاء الفقهاء في هذا الإطلاق! فيقال له: أو لوكان ذلك أمرا منكرا عند العلماء بالحديث؟! وفي الوقت نفسه فقد تجاهل السبكي قول الإمام في الحديث " متفق على صحته "، فإنه خطأ محض لا سبيل إلى تبريره أو الدفاع عنه بوجه من الوجوه، ولذلك لم يدندن السبكي حوله ولو بكلمة.

ولكنه كان منصفا حين اعترف بضعف الحديث، وأن الإمام صحح غيره من الأحاديث الضعيفة فقال: " وما هذا الحديث وحده ادعى الإمام صحته وليس بصحيح، بل قد ادعى ذلك في أحاديث غيره، ولم يوجب ذلك عندنا الغض منه ".

وأقول أخيرا: إن وصف الرجل بما فيه ليس من الغض منه في شيء، بل ذلك من باب النصح للمسلمين، وبسبب تجاهل هذه الحقيقة صار عامة المسلمين لا يفرقون بين الفقيه والمحدث، فيتوهمون أن كل فقيه محدث، ويستغربون أشد الاستغراب حين يقال لهم الحديث الفلاني ضعيف عند المحدثين وإن احتج به الفقهاء، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، تجدها مبثوثة في تضاعيف هذه " السلسلة "، وحسبك الآن هذا الحديث الذي بين يديك.

وجملة القول أن الحديث لا يصح إسناده لإرساله، وجهالة راويه الحارث بن عمرو، فمن كان عنده من المعرفة بهذا العلم الشريف، وتبين له ذلك فبها، وإلا فحسبه أن يستحضر أسماء الأئمة الذين صرحوا بتضعيفه، فيزول الشك من قلبه، وها أنها ذا أسردها وأقربها إلى القراء الكرام:

١ - البخاري.

٢ - الترمذي.

٣ - العقيلي.

٤ - الدارقطني.

٥ - ابن حزم.

٦ - ابن طاهر.

٧ - ابن الجوزي.

٨ - الذهبي.

٩ - السبكي.

١٠ - ابن حجر كل هؤلاء - وغيرهم ممن لا نستحضرهم - قد ضعفوا هذا الحديث، ولن يضل بإذن الله من اهتدى بهديهم، كيف وهم أولى الناس بالقول المأثور: " هم القوم لا يشقى جليسهم ". هذا ولما أنكر ابن الجوزي صحة الحديث أتبع ذلك قوله: " وإن كان معناه صحيحا " كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>