للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كلها مدارها على خالد بن أبي الصلت الذي لا دليل عندنا على ثقته وضبطه كما سبق، وما يدرينا ولعل هذا الاختلاف عنه في السماع والعنعنة إنما هو منه، وذلك دليل على تردده وعدم حفظه، ويؤيد هذا ما يأتي:، وهو: الأمر الثاني: أن جعفر بن ربيعة قد خالف خالد بن أبي الصلت، فأدخل بين عراك وعائشة عروة، كما تقدم وهو أرجح من وجهين: أولا: أن جعفر بن أبي ربيعة أو ثق من ابن أبي الصلت كما تقدم بيانه. ثانيا: أن روايته موافقة لبعض الروايات عن خالد وهي رواية يزيد بن هارون عن حماد ابن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت

عن عراك عن عروة بن الزبير عنها. أخرجه الطحاوي كما تقدم، فهذا يؤكد وهم ابن أبي الصلت أو بعض من دونه في ذكر السماع من عراك لعائشة. وقد خالف جعفر خالدا في موضع آخر من السند وهو أنه أوقفه ولم يذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان ذلك في العلة (الرابعة) .

العلة السادسة: النكارة. وقد بقي الكلام على العلة الأخيرة وهي السادسة، وهي النكارة في المتن، وبيان ذلك في ما يأتي: من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نهى أصحابه عن استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط نهيا عاما لم يقيده بالصحراء، فإذا روي في حديث ما كهذا الذي نحن في صدد الكلام عليه أن الصحابة كرهو ااستقبال القبلة، فما يكون ذلك منهم إلا اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعا يستحقون عليه الأجر والمثوبة، لأنهم على أقل الدرجات مجتهدون مخطئون مأجرون أجرا واحدا، وسبب خطئهم عملهم بالنص على عمومه، أو عملهم بالمنسوخ الذي لم يعرفوا نسخه، وأي الأمرين فرض، فلا يعقل أن ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه طاعتهم إياه فيما كان نهاهم عنه قبل أن يبلغهم النص المخصص أو الناسخ، كيف وهو المعروف بتلطفه مع أصحابه في تأديبهم وتعليمهم، كما يدل على ذلك سيرته الشريفة معهم، كحديث الأعرابي الذي بال في المسجد، وحديث معاوية بن الحكم السلمي الذي تكلم في الصلاة جاهلا، وغير ذلك مما هو معروف، فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم نكارا شديدا مع أنهم فعلوا أشياء لم يسبق أن جوزها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما في هذا الحديث فهو ينكر عليهم أشد الإنكار عملهم، وما هو؟ كراهيتهم لاستقبال القبلة، التي كانوا تلقوها عنه صلى الله عليه وسلم، فهل يتفق هذا الإنكار مع هديه صلى الله عليه وسلم في التلطف في الإنكار؟ كلا ثم كلا، بل لوأراد صلى الله عليه وسلم أن يبدل شيئا من الحكم السابق أو أن ينسخه من أصله لقال لهم كما قال في أمثاله: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، وكنت نهيتكم عن الانتباذ في الأو عية فانتبذوا، وكنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي ألا فادخروها ". أخرجه مسلم وغيره وهو مخرج في " الصحيحة " (٢٠٤٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>