للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت: فقد اختلف في لفظ هذا الحديث على عبد الرزاق كما ترى من أربعة وجوه:

الأول: رواية أحمد بلفظ " نهى أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده ".

الثاني: رواية ابن شبويه بلفظ: نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة.

الثالث: رواية ابن رافع: نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده.

الرابع: رواية عبد الملك باللفظ المذكور أعلاه. ومن البين الواضح أن الحديث واحد لأن الطريق واحد، وإنما تعددت الطرق من بعد عبد الرزاق، واختلفوا عليه، وإذا كان كذلك، فينبغي النظر في الراجح من هذه الوجوه المختلفة، لأن في بعضها معارضة للبعض الآخر، وهو الوجه الأول والرابع، فإن الأول صريح في أن النهي عن الاعتماد في الصلاة في الجلوس، وذلك يكون في التشهد أو بين السجدتين، والآخر صريح في أن النهي عن الاعتماد إنما هو إذا نهض في الصلاة وذلك من التشهد الأول في المعنى، فلا تعارض بينهما، كما أنه لا تعارض بينهما من جهة وبين الوجهين الآخرين من جهة أخرى، لأنهما مجملان بالنسبة إلى الوجهين الآخرين، يقبلان التفسير بأحدهما فبأيهما يفسران؟ هذا هو موضع البحث والتحقيق. ومما لا شك فيه أن الوجه الأول هو الراجح، وذلك ظاهر من النظر في الراوي له عن عبد الرزاق، وهو الإمام أحمد رحمه الله تعالى، فإنه من الأئمة المشهور ين بالحفظ والضبط والإتقان، فلا يقوم أمامه أيا كان من الثقات عند المخالفة، لاسيما إذا كان فيه كلام مثل راوي الوجه الآخر محمد بن عبد الملك الغزال هذا، فإنه وإن وثقه النسائي وغيره، فقد قال مسلمة: " ثقة كثير الخطأ ".

قلت: فمثله لا يحتج به إذا خالفه الثقة، فكيف إذا كان المخالف له إماما ثبتا كالإمام أحمد بن حنبل؟ ! فكيف إذا توبع فيه الإمام أحمد، وبقي الغزال فريدا غريبا، فقد أخرج أحمد الحديث في " مسنده " (رقم ٦٣٤٧) هكذا كما رواه عنه أبو داود، وتابعه إسحاق بن إبراهيم الدبري راوي " مصنف عبد الرزاق " عنه، فقد أورد الحديث فيه (٢ / ١٩٧ / ٣٠٥٤) بلفظ أحمد إلا أنه قال: " يديه "، وترجم له بقوله: " باب الرجل يجلس معتمدا على يديه في الصلاة " وكذلك رواه البيهقي في " سننه " (٢ / ١٣٥) من طريق " المسند " ومن طريق أبي داود عن أحمد مقرونا مع شيوخ أبي داود الآخرين في هذا الحديث وساق ألفاظهم كما فعل أبو داود. ثم قال في رواية أحمد

: " وهذا أبين الروايات، ورواية غير ابن عبد الملك لا تخالفه، وإن كان أبين منها، ورواية ابن عبد الملك وهم، والذي يدل على أن رواية أحمد بن حنبل هي المراد بالحديث أن هشام بن يوسف رواه عن معمر كذلك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>