للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثم ساق من طريق الحاكم، وهذا في " المستدرك " (١ / ٢٧٢) عن إبراهيم بن موسى حدثنا هشام بن يوسف عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى رجلا وهو جالس معتمدا على يده اليسرى في الصلاة وقال: إنها صلاة اليهود ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. ويدل على ذلك أيضا رواية هشام بن سعد قال: عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا ساقطا يده في الصلاة فقال: " لا تجلس هكذا، إنما هذه جلسة الذين يعذبون ". أخرجه أحمد (٥٩٧٢) بسند جيد ورواه أبو داود والبيهقي من طرق أخرى عن هشام به موقوفا، والرفع زيادة من ثقة فهي مقبولة، لاسيما وطريق إسماعيل بن أمية أقوى من هذه ولم يختلف عليه في رفعه.

فتبين مما سبق أن الحديث عن ابن عمر في النهي عن الاعتماد في الجلوس في الصلاة وهذا هو المحفوظ، وأن رواية الغزال إياه في النهي عن الاعتماد إذا نهض شاذ بل منكر، لمخالفته لروايات الثقات على سوء حفظه.

(تنبيه) : قد وقعت بعض الأوهام حول هذا الحديث لبعض العلماء، فرأيت من النصيحة التنبيه عليها:

أولا: قال النووي في " المجموع " (٣ / ٤٤٥) مبينا علة الحديث: " إنه من رواية محمد بن عبد الملك الغزال وهو مجهول "! وقد عرفت أنه ليس بمجهول، بل هو ثقة سيء الحفظ.

ثانيا: نقل صاحب " عون المعبود " (١ / ٣٧٦) عن السيد عبد الله الأمير أنه قال: إن محمد ابن عبد الملك هذا هو محمد بن عبد الملك بن مروان الواسطي قال فيه في " التقريب ": " صدوق ". وأقره عليه، وهو وهم منهما، فإن محمد بن عبد الملك هذا هو الغزال كما صرح بذلك أبو داود في روايته كما تقدم، وقد نبه على هذا الوهم الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى.

ثالثا: احتج بهذا الحديث الحنفية والحنابلة على أن المصلي لا يعتمد على يديه عند النهو ض من السجدة الثانية في الوتر من الصلاة، وأغرب من ذلك أن يتابعهم عليه العلامة ابن القيم في كتابه المفرد في " الصلاة "! وذكر في " زاد المعاد " أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يعتمد على الأرض بيديه! وليس له في النفي مستند صحيح كما بينته في " التعلقات الجياد " (١ / ٣٨) بل هو معارض لظاهر حديث مالك بن الحويرث أنه كان يقول: ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى في غير وقت الصلاة، فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول الركعة استوى قاعدا، ثم قام فاعتمد على الأرض. أخرجه النسائي (١ / ١٧٣) والشافعي في " الأم " (١ / ١٠١) والبيهقي (٢ / ١٢٤ و١٣٥) بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو عند البخاري (٢ / ٢٤١) نحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>