الأول: أن ذكر الحديث الضعيف دون بيان ضعفه شيء، والعمل به شيء آخر، كما هو ظاهرٌ بداهةً، فإنّ العُلَماءَ رحمهم الله وإن اختلفوا في جواز العمل بالحديث الضعيف في الفضائل على تفصيلٍ يأتي ذِكْرُهُ أو الِإشارةُ إليه، فإنه لا قائلِ مطلقاً بوجوب العمل به، بخلاف ذكره دون بيان
ضعفه؛ فإنه لا يجوزُ بداهةَ، لأنّ الذي يفعلُ ذلك - كالشيخ الغُماري مثلاً - له حالةٌ من حالتين لا ثالث لهما:
الأولى: إن يعرفَ ضعفه ثم لا يُبَيِّنه. فهذا لا يجوزُ لما فيه من إثم كتمانِ العلم، وإيهام من لا علم عنده- وهم جمهورُ المسلمين خاصّتهم وعامّتهم- صحتَه، وهو مما صرح الإِمام مسلم في مقدمة "صحيحه " بعدم جوازه، وكنت نقلتُ نصَّ كلامه وكلام غيره من الأئمة في مقدمة كتابي
والأخرى: أن لا يعرفَ ضعفَه؛ لجهله بهذا العلم، كما هو الغالبُ على أكثر الناس وبخاصة في هذا الزمان، وإمّا لعدم توفر الأسباب التي تُيَسِّر له معرفةَ ضعفهِ، ففي هذه الحالة ينبغي له أن يُشير إلى ذلك بصيغة التمريض:"رُوي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا"، كما ذكر ذلك ابن الصلاح وغيره، وفي رأي أنه لا بُدَّ من التصريح اليوم بواقع الأمر، كأن يقولَ:
"رُوي ... ولا أدري أثابت هو أم لا؟ "، أو يقول:"وهو ضعيف، أو ضعيف الإِسناد"، إذا كان يعلم ذلك. انظر تمام هذا البحث في مقدمة "صحيح
الترغيب " (ص ٢١- ٢٢) .
قلت: فالغُماري إما أنْ يعلمَ ضعف تلك الأحاديث الضعيفة وَسكَتَ عنها فهو آثمٌ. وإما أن لا يعلمَ، فعليه أن يعترف بذلك، ولا يدافع عن جهله