ثم إننا إذا نظرنا مرة أخرى في القائمة المذكورة لوجدنا فيهم أبا حاتم الرازي وقوله: صالح، وهذا وإن كان توثيقا في اعتبار المحدثين، ولكنه ليس كذلك بالنظر إلى اصطلاح أبي حاتم نفسه، فقد ذكر ابنه في مقدمة الجزء الأول من " الجرح والتعديل "(ص ٢٧) ما نصه:
ووجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى، فإذا قيل للواحد: إنه ثقة، أومتقن، أوثبت، فهو ممن يحتج بحديثه، وإذا قيل: إنه صدوق، أومحله الصدق، أولا بأس به، فهو ممن يكتب حديثه، وينظر فيه، وهي المنزلة
الثانية وإذا قيل: شيخ فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه، إلا أنه دون الثانية، وإذا قيل: صالح الحديث، فإنه يكتب حديثه للاعتبار، وإذا أجابوا في الرجل بلين الحديث، فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا.
فهذا نص منه على أن كلمة صالح الحديث مثل قولهم: لين الحديث يكتب حديثه للاعتبار والشواهد، ومعنى ذلك أنه لا يحتج به، فهذه العبارة من ألفاظ التجريح لا التعديل عند أبي حاتم، خلافا لما يدل عليه كلام السيوطي في " التدريب "(٢٣٣ - ٢٣٤) ، وعلى هذا فيرفع اسم أبي حاتم أيضا من قائمة الموثقين إلى قائمة المضعفين، ويصير عددهم خمسة، وعدد أولئك تسعة، وإذا ضممنا إليهم قول البيهقي: إنه غير قوي كما يأتي، صاروا عشرة.
ثم إن قول ابن عدي: أرجوأنه لا بأس به ليس نصا في التوثيق، ولئن سلم فهو أدنى درجة في مراتب التعديل، أوأول مرتبة من مراتب التجريح، مثل قوله: ما أعلم به بأسا كما في " التدريب "(ص ٢٣٤) .
ومما سبق يتبين بوضوح أن الجمهور على تضعيف عتبة بن أبي حكيم، وأن ضعفه مفسر مبين، فضعفه هو الذي ينبغي اعتماده في ترجمته، وقد لخص ذلك كله الحافظ ابن حجر في كلمته المتقدمة: صدوق يخطىء كثيرا، فهذا جرح مفسر، فمن أين جاء به الحافظ لولا بعض الكلمات التي سبق بيانها من بعض الأئمة؟
ومن ذلك كله تعلم أن إسناد الحديث ضعيف، وأن قول الزيلعي فيه (١/٢١٩) :