هذا، وشتان بين الأمرين، فإنه على قوله لاشك في ثبوت هذا الأثر عن علي وجودته، لطرقه المزعومة، وأما على ما هو الواقع من طريقه الوحيدة، فالثبوت محتمل وإن كان الراجح عندنا خلافه، وبيانه فيما يأتي:
رابعا: قوله: وهو أثر جيد، أقول: بل هو غير جيد، وإن كان صرح بذلك الزيلعي، فإنه معلول بالانقطاع بين علي وعبد الملك، وبالاختلاط وذلك أن عبد الملك هذا، وإن كان من رجال الشيخين، فقد تكلم فيه من قبل حفظه، وذكروا له رؤية لعلي رضي الله عنه، ولم يذكروا له سماعا، ثم هو على ذلك مدلس، وصفه به ابن حبان، ولذا أورده الذهبي في " الضعفاء " فقال:
قال أحمد: مضطرب الحديث، وقال ابن معين: مختلط وقال أبو حاتم: ليس بحافظ ووثقه جماعة، وقال الحافظ في " التقريب ":
ثقة فقيه، تغير حفظه، وربما دلس.
قلت: فإن كان قد حفظه، فلم يسمعه من علي، فإنه ذكره بصيغة تشعر بذلك، فإنه قال في جميع الطرق عنه: قال: قال علي..، ومن المعلوم أن المدلس إذا لم يصرح بالتحديث فلا يحتج بحديثه، فمن أين تأتي الجودة إذن لهذا الأثر؟
خامسا: قوله عقب أثر علي المذكور: وكذا أخرجه البيهقي رواية عن عائشة من طريق قتادة في الباب.
قلت: وهذا تدليس آخر فإن حديث قتادة في الباب عند البيهقي (١/١٠٦) عن معاذة عن عائشة أنها قالت:
" مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم أثر الغائط والبول، فإني أستحييهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ".
ثم رواه من طريق أخرى نحوه بلفظ:" فأمرتهن أن يستنجين بالماء " وهو مخرج في " الإرواء "(٤٢) .