ثم إن أحاديث الجمع قد أخرجها الهيثمي في " زوائده " بأسانيد فيها كلام للمحدثين، وبوب عليها (باب الجمع بين الماء والحجارة) ، وأخرج فيه حديث ابن ساعدة وابن عباس وابن سلام وغيرهم، وفيها الجمع، وليس فيها رواية لم
يتكلم فيها، ومع هذا ليس فيها حديث صريح غير حديث ابن عباس، وأجود ما يحكى في الباب أثر علي بن أبي طالب: إن من كان قبلكم كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا، فأتبعوا الحجارة الماء، أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " وعبد الرزاق في " مصنفه " والبيهقي في " سننه " بطرق عديدة، وهو أثر جيد كما يقول الإمام الزيلعي في " نصب الراية " وكذا أخرجه البيهقي رواية عن عائشة من طريق قتادة في الباب.
قلت: وفي هذا الكلام تدليسات عجيبة وبعض أوهام فاحشة:
أولا: يسمى الأحاديث المشار إليها وقد تقدمت بـ " أحاديث الجمع " مع أنها ليست كذلك إلا على استنباط النووي الواهي، فهو يقلده في ذلك ويبالغ حتى سماها بهذه التسمية المغلوطة، ولا يقتصر على هذا، بل يؤكد ذلك بقوله: وفيها الجمع، ثم لكي لا يمكن المخالف من نقده يعود فيقول: ومع هذا ليس فيها حديث صريح غير حديث ابن عباس يعني صريحا في الجمع.
ثانيا: ثم يزعم أن تلك الأحاديث التي فيها الجمع! ليس فيها حديث صريح في الجمع!
بوب الهيثمي عليها " باب الجمع بين الماء والحجارة "، وهذا خلاف الواقع فإنه إنما بوب عليها بقوله:" باب الاستنجاء بالماء " انظر الجزء الأول ص ٢١٢ من " مجمع الزوائد "، وإنما بوب الهيثمي بما ذكر الحنفي لحديث ابن عباس وحده الذي تفرد بروايته البزار وسبق أن ضعفناه نقلا عن الحافظ، وقال الهيثمي نفسه عقبه:
رواه البزار وفيه محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري ضعفه البخاري والنسائي وغيرهما، وهو الذي أشار بجلد مالك.
ثالثا: قوله: (بطرق عديدة) . فيه تدليس خبيث، فإنه لا يروى إلا من طريق واحدة، هي طريق عبد الملك بن عمير عن علي، وإنما له طرق عديدة عن عبد الملك