ابن حبان، وتساهله في التوثيق معروف، وقد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "(٣/١/١١٤) ولم يحك فيه توثيقا، فهو في حكم المستورين، وأما الحافظ فقال من عنده أنه:" صدوق ".
ثم بدا لي أنه لعل ذلك لأنه روى عنه أيضا الليث بن سعد وابن لهيعة وأسامة بن زيد.
الثالثة: أحمد بن سعيد الهمداني، مختلف فيه، فوثقه ابن حبان والعجلي، وضعفه النسائي، وقال الذهبي في " الميزان ":
" لا بأس به، تفرد بحديث الغار، قال النسائي: غير قوي ".
قلت: وخلاصة القول أن الحديث ضعيف لا يحتج به.
وإن ما حملني على الكشف عن حال هذا الحديث أنني رأيت نشرة لأحد مشايخ (إدلب) بعنوان: " قيام الرجل للقادم عليه جائز "، ذكر فيها اختلاف العلماء في هذه المسألة، ومال هو إلى القول بالجواز واستدل على ذلك بأحاديث بعضها صحيح لا دليل فيه، كحديث:" قوموا إلى سيدكم "، وبعضها لا يصح كهذا الحديث، وقد أورده من رواية أبي داود، دون أن يعلم ما فيه من الضعف، وهذا أحسن الظن به!
ولذلك قمت بواجب بيانه، نصحا للأمة، وشفقة أن يغتر أحد به.
ونحن وإن كنا لا نقول بتحريم هذا القيام الذي اعتاده الناس اليوم، والذي حكى الخلاف فيه الشيخ المشار إليه نفسه - لعدم وجود دليل التحريم - فإننا ندعو الناس جميعا، وفي مقدمتهم أهل العلم والفضل أن يقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في موقفه من هذا القيام، فإذا كان أحبه صلى الله عليه وسلم لنفسه، فليحبوه لأنفسهم، وإن كان كرهه لنفسه المعصومة عن وسوسة الشيطان وحبائله، فعليهم أن يكرهو هـ لأنفسهم من باب أولى - كما يقول الفقهاء - لأنها غير معصومة من وساوس الشيطان وحبائله، فما هو موقفه صلى الله عليه وسلم من القيام المذكور؟ الجواب:
قال أنس رضي الله عنه:" ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤية، وكانوا لا يقومون له، لما يعلمون من كراهيته لذلك " أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " والترمذي بإسناد صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي:" حديث حسن صحيح "، وبوب له بقوله: