حسنه الثلاثة المذكورون ضعيف عند جماهير العلماء لسوء حفظه، وتدليسه القبيح المحرم، فكيف يجوز تحسين الحديث مع وجود هاتين العلتين فيه؟! وما أحسن ما قيل:
وهَلْ يَسْتَقِيمُ الظِّلُّ والعُودُ أعْوَجُ؟!
وثمّة علةٌ أخرى تؤكد سوء حفظه، فاتني التنبيهُ عليها فيما سبق، وهي اضطرابُه في سنده، فهو تارة يرفعه، وتارة يوقفه؛ كما كنت بينته في الكتاب، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى، وأزيد هنا فأقول: وأخرى الشك، فيقول:"أراه رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - "؟ كما في رواية ابن ضريس، إحدى روايتي ابن خزيمة، اللتين ذكرهما عنه الأنصاري (ص ١١) ، لكن وقع عنده:"رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - "؛ دون قوله:"أراه "، عزاه إلى (ص ٤١ - ٤٢) من "كتاب التوحيد" لابن خزيمة، ولا أدري أي طبعة منه أراد الأنصاري، فإنه في (ص ١٢) من الطبعة المنيرية التي عندي، والرواية فيها بالشك كما ذكرت، وهو الذي يقتضيه سياق كلام ابن خزيمة، فلا أدري أسقط ذلك من نسخة الأنصاري، أم هو أسقطها لغاية في نفسه؟!
ولا أستبعد صدور ذلك منه، بعد كل ما فعل مما سبق بيانه ويأتي!
وإن ممّا لا يخفى على كل بصير بهذا العلم الشريف أنَّ تلون الراوي في رواية الحديث، فهو يرفعه تارة، ويوقفه تارة، ويشك في رفعه أخرى؛ إنما هو دليل طاهر على ضعفه وعدم ضبطه، حتى ولو لم يكن ضعيفاً كعطية هذا، وكما كابر الأنصاري في ضعفه- كما سبق- فكذلك كابر في
تعاميه عن هذه العلة التي كان وقف عليها في الكتاب، فحاد عن الجواب