ففي هذه الأحاديث إقراره صلى الله عليه وسلم للدائن على أخذ الزيادة التي قدمها
إليه المدين باختياره، وحض المدين على الزيادة في الوفاء، وقد أمر بذلك
صلى الله عليه وسلم بقوله: " من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تستطيعوا
أن تكافئوه، فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه ". وهو مخرج في " الصحيحة
" (٢٥٤) .
ثم رأيت لشيخ الإسلام ابن تيمية بحثا حول هذا الحديث في " إقامة الدليل على
إبطال التحليل " (ص ١٢٧ - ١٢٨) ج٣ من الفتاوي ذهب فيه إلى أن الحديث حديث حسن
. وأن راويه عن أنس قال: " إنما هو - والله أعلم - يحيى بن يزيد الهنائي،
فلعل كنية أبيه أبو إسحاق وهو ثقة من رجال مسلم، قال: وعتبة بن أبي حميد
معروف بالرواية عن الهنائي، قال فيه أبو حاتم: هو صالح الحديث، وأبو حاتم
من أشد المزكين شرطا في التعديل، وقد روى عن الإمام أحمد أنه قال: هو ضعيف
ليس بالقوي، لكن هذه العبارة يقصد بها أنه ممن ليس يصحح حديثه، بل هو ممن
يحسن حديثه، وقد كانوا يسمون حديث مثل هذا ضعيفا ويحتجون به لأنه حسن، إذ
لم يكن الحديث إذ ذاك مقسوما إلا إلى صحيح وضعيف، وفي مثله يقول الإمام أحمد
: الحديث الضعيف خير من القياس. يعني الذي لم يقوقوة الصحيح، مع أن مخرجه
حسن. وإسماعيل بن عياش حافظ ثقة في حديثه عن الشاميين وغيرهم، وإنما يضعف
حديثه عن غيرهم نظر، وهذا الرجل بصري الأصل ".
قلت: وفي هذا الكلام ملاحظات، أهمها قوله: " إن حديث إسماعيل صحيح عن
الشاميين وغيرهم، وإنما يضعف حديثه عن الحجازيين فقط ".
وهذا عندي خطأ والصواب العكس تماما، أعني حديثه عن الشاميين فقط صحيح وعن
غيرهم من الحجازيين والعراقيين ضعيف وهو ما صرحت به عبارات الأئمة بعضهم
بصريح كلامهم وبعضهم بعمومه فقال ابن معين في رواية مضر بن محمد الأسدي عنه:
" إذا حدث عن الشاميين وذكر الخبر فحديثه مستقيم، وإذا حدث عن الحجازيين
والعراقيين خلط ما شئت ".
وقال أحمد: