منها فقال:
إحداها: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده فأرسله الثوري ولم يقل: " عن
ابن عمر ".
والثانية: أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت.
والثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضا مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء ثم قال:
" فمعنى الخبر - إن صح من طريق النقل مسندا - أن ابن آدم خلق على الصورة التي
خلقها الرحمن حين صور آدم ثم نفخ فيه الروح ".
قلت: والعلة الرابعة: هي جرير بن عبد الحميد فإنه وإن كان ثقة كما تقدم فقد
ذكر الذهبي في ترجمته من " الميزان " أن البيهقي ذكر في " سننه " في ثلاثين
حديثا لجرير بن عبد الحميد قال:
" قد نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ ".
قلت: وإن مما يؤكد ذلك أنه رواه مرة عند ابن أبي عاصم (رقم ٥١٨) بلفظ:
" على صورته ". لم يذكر " الرحمن ". وهذا الصحيح المحفوظ عن النبي صلى الله
عليه وسلم من الطرق الصحيحة عن أبي هريرة، والمشار إليها آنفا.
فإذا عرفت هذا فلا فائدة كبرى من قول الهيثمي في " المجمع " (٨/١٠٦) :
" رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن إسماعيل الطالقاني وهو ثقة
، وفيه ضعف ".
وكذلك من قول الحافظ في " الفتح " (٥/١٣٩) :
" أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " والطبراني من حديث ابن عمر بإسناد رجاله
ثقات ".
لأن كون رجال الإسناد ثقاتا ليس هو كل ما يجب تحققه في السند حتى يكون صحيحا،
بل هو شرط من الشروط الأساسية في ذلك، بل إن تتبعي لكلمات الأئمة في الكلام
على الأحاديث قد دلني على أن قول أحدهم في حديث ما: " رجال إسناده ثقات "،
يدل على أن الإسناد غير صحيح، بل فيه علة ولذلك لم يصححه، وإنما صرح بأن
رجاله ثقات فقط، فتأمل.