ثم إن كون إسناد الطبراني فيه الطالقاني لا يضر لوسلم الحديث من العلل السابقة
، لأن الطالقاني متابع فيه كما أشرت إليه في أول هذا التخريج.
وقد يقال: إن الحديث يقوى بما رواه ابن لهيعة بسنده عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ
:
" إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه فإنما صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن ".
قلت: قد كان يمكن ذلك لولا أن الحديث بهذا اللفظ منكر كما سبق بيانه آنفا،
فلا يصح حينئذ أن يكون شاهدا لهذا الحديث.
ومنه تعلم ما في قول الحافظ في " الفتح " بعد أن نقل قول القرطبي:
" أعاد بعضهم الضمير على الله متمسكا بما ورد في بعض طرقه إن الله خلق آدم على
صورة الرحمن، قال: وكأن من رواه [رواه] بالمعنى متمسكا بما توهمه فغلط في
ذلك، وقد أنكر المازري ومن تبعه صحة هذه الزيادة، ثم قال: وعلى تقدير
صحتها فيجمل على ما يليق بالباري سبحانه وتعالى "، فقال الحافظ:
" قلت: الزيادة أخرجها ابن أبي عاصم في " السنة " والطبراني من حديث ابن عمر
بإسناد رجاله ثقات، وأخرجها ابن أبي عاصم أيضا من طريق أبي يونس عن أبي هريرة
بلفظ يرد التأويل الأول، قال: " من قاتل فليتجنب الوجه فلأن صورة وجه الإنسان
على صورة وجه الرحمن ". فتعين إجراء ما في ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من
إمراره كما جاء من غير اعتقاد تشبيه، أومن تأويله على ما يليق بالرحمن جل
جلاله ".
قلت: والتأويل طريقة الخلف، وإمراره كما جاء طريقة السلف، وهو المذهب،
ولكن ذلك موقوف على صحة الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد علمت أنه
لا يصح كما بينا لك آنفا، وإن كان الحافظ قد نقل عقب كلامه السابق تصحيحه عن
بعض الأئمة، فقال:
" وقال حرب الكرماني في " كتاب السنة ": سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صح أن
الله خلق آدم على صورة الرحمن. وقال إسحاق الكوسج: سمعت أحمد يقول: هو حديث
صحيح ".