قلت: إن كانوا يريدون صحة الحديث من الطريقين السابقين فذلك غير ظاهر لنا
ومعنا تصريح الإمام ابن خزيمة بتضعيفه وهو علم في الحديث والتمسك بالسنة
والتسليم بما ثبت فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا أيضا ابن قتيبة حيث
عقد فصلا خاصا في كتابه " مختلف الحديث " (ص ٢٧٥ - ٢٨٠) حول هذا الحديث
وتأويله قال فيه:
" فإن صحت رواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فهو كما قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تأويل ولا تنازع ".
وإن كانوا وقفوا للحديث على غير الطريقين المذكورين، فالأمر متوقف على الوقوف
على ذلك والنظر في رجالها، نقول هذا لأن التقليد في دين الله لا يجوز، ولا
سيما في مثل هذا الأمر الغيبي، مع اختلاف أقوال الأئمة في حديثه، وأنا
أستبعد جدا أن يكون للحديث غير هذين الطريقين، لأن الحافظ لم يذكر غيرهما،
ومن أوسع اطلاعا منه على السنة؟ نعم له طرق أخرى بدون زيادة " الرحمن " فانظر
: " إذا ضرب أحدكم.. " و" إذا قاتل أحدكم ... " في " صحيح الجامع " (٦٨٧
و٧١٦) وغيره.
وخلاصة القول: إن الحديث ضعيف بلفظيه وطريقيه، وأنه إلى ذلك مخالف
للأحاديث الصحيحة بألفاظ متقاربة، منها قوله صلى الله عليه وسلم:
" خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا ".
أخرجه الشيخان وغيرهما " الصحيحة ٤٥٠ ".
(تنبيه هام) : بعد تحرير الكلام على الحديثين بزمن بعيد وقفت على مقال طويل
لأخينا الفاضل الشيخ حماد الأنصاري نشره في مجلة " الجامعة السلفية " ذهب فيه
إلى اتباع - ولا أقول تقليد - من صحح الحديث من علمائنا رحمهم الله تعالى،
دون أن يقيم الدليل على ذلك بالرجوع إلى القواعد الحديثية وتراجم الرواة التي
لا تخفى على مثله، لذلك رأيت - أداء للأمانة العلمية - أن أبي بعض النقاط التي
تكشف عن خطئه فيما ذهب إليه مع اعترافي بعلمه وفضله وإفادته لطلبة العلم
وبخاصة في الجامعة الإسلامية جزاه الله خيرا.
أولا: أوهم القراء أن ابن خزيمة رحمه الله تعالى تفرد من بين الأئمة بإنكاره
لحديث " على صورة الرحمن " مع أن معه ابن قتيبة والمازري ومن تبعه، كما تقدم، وهو