٢ - وأما حديث أبي سعيد فيرويه ابن لهيعة: حدثنا دراج عن أبي الهيثم عنه بلفظ
" فكفارتها تركها ".
أخرجه أحمد (٣/٧٥ - ٧٦) وإسناده ضعيف، ابن لهيعة وشيخه ضعيفان.
٣ - وأما حديث أبي هريرة فأخرجه البيهقي من طريق يحيى بن عبيد الله عن أبيه
عنه به مرفوعا بلفظ:
" فأتى الذي هو خير فهو كفارته ".
وبعد هذا التخريج أقول:
إن الحديث بهذا اللفظ المذكور أعلاه، والألفاظ الأخرى التي في معناه مما لم
يطمئن القلب لصحته، لأن جميع طرقه ضعيفة كما رأيت، وخيرها الأولى منها وهي
طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، لكن الرواة قد اختلفوا عليه، وهو نفسه قد
خالفه الزنجي عن هشام بن عروة كما سبق فلم ينشرح الصدر للأخذ بشيء من ذلك إلا
برواية النسائي: " فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير "، لأنها هي
الموافقة لسائر الأحاديث في الباب عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
، وأكثرهم لحديثه عدة طرق عنه، وقد خرجتها في المصدر السابق، وهي صريحة في
وجوب الكفارة خلافا لهذا اللفظ فإنه لا يثبتها، بل ظاهره يدل على أن مجرد ترك
اليمين هو الكفارة، وعليه يكون الحديث بهذا اللفظ منكرا أوشاذا على الأقل،
وفي كلمة البيهقي المتقدمة ما يشير إلى ذلك. والله أعلم.
ولوصح الحديث لكان من الممكن تأويله على وجه لا يتعارض مع الأحاديث الصحيحة
فقد قال السندي في تعليقه على حديث عائشة المتقدم:
" قوله: (فبره أن لا يتم على ذلك) ظاهره أنه البر شرعا فلا حاجة معه إلى
كفارة أخرى كما في صورة البر، لكن الأحاديث المشهورة تدل على وجوب الكفارة،
فالحديث إن صح يحمل على أنه بمنزلة البر في كونه مطلوبا شرعا، فإن المطلوب في
الحلف هو البر، إلا في مثل هذا الحلف، فإن المطلوب فيه الحنث، فصار الحنث
فيه كالبر، فمن هذه الجهة قيل: إنه البر، وهذا لا ينافي وجوب الكفارة.
وهذا هو المراد