الآخر: أن نسخ " الأدب المفرد " مختلفة في إثبات حرف (عن) قبل (حرملة) فقد
ثبت في النسختين المطبوعتين المشار إليهما، ولم تثبت في المخطوطة، ولذلك
وضعته بين المعكوفتين، والسند، يختلف الحكم عليه باختلاف النسخ، فعلى
إثباته يكون الحديث من رواية ابنتي عليبة عن عليبة عن حرملة. وعلى حذفه يكون
من روايتهما عن جدهما حرملة.
وعلى الإثبات يكون الحديث معلولا بالجهالة، فإن عليبة هذا مجهول العين،
أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (٣/٢/٤٠) ولم يزد على قوله:
" روى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه ابنه ضرغامة ".
وعلى حذفه فهل سمع ابنتا عليبة من جدهما؟ ليس عندنا ما يثبت ذلك، إلا هذا
الإسناد، ومداره على عبد الله بن حسان، وقد عرفت أنه مجهول الحال فلا تقوم
الحجة به، ولا سيما قد خولف في إسناده فقال أبو داود الطيالسي في " مسنده " (١٢٠٧) : حدثنا قرة قال: حدثنا ضرغامة قال: حدثني أبي عن أبيه قال:
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركب من الحي، فلما أردت الرجوع قلت: يا
رسول الله أوصني قال:
" اتق الله، وإذا كنت في مجلس وقمت منه، وسمعتهم يقولون ما يعجبك، فأته،
فإذا سمعتهم يقولون ما تكره فلا تأته ".
وأخرجه ابن سعد (٧/٣٤) من طريقين آخرين عن قرة.
فهذا الإسناد يشهد أن الحديث من رواية عليبة عن حرملة لأن ضرغامة هذا هو ابن
عليبة بن حرملة العنبري كما في كتاب ابن أبي حاتم (٢/١/٤٧٠) ، فعليه فيمكن
القول بأن النسخة التي أثبتت (عن) أرجح من الأخرى، فيكون الإسناد متصلا
معللا بالجهالة، على أن ضرغامة هذا يشبه أباه في الجهالة، فإن ابن أبي حاتم
لم يزد فيه على قوله:
" روى عن أبيه، روى عنه قرة بن خالد السدوسي ".
ومما يرجح نسخة الإثبات والوصل، أن الذين ترجموا لحرملة هذا في