حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرني عبد الرحمن بن بوذويه أن معمرا ذكره عن الزهري به. وأخرجه أبو داود (٣٨٤٣) : حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق به. قلت: وهذا إسناد صحيح إلى معمر بذلك. ولا يشك من كان عنده علم ومعرفة بعلل الحديث، أن رواية معمر هذه أصح من روايته الأولى لموافقتها لرواية مالك ومن تابعه ممن ذكرنا وغيرهم، ممن لم نذكر، وأن روايته تلك شاذة لمخالفتها لرواياتهم. وقد أشار إلى ذلك الحميدي في روايته عن سفيان، فقال:" فقيل لسفيان، فإن معمرا يحدثه عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة؟ قال سفيان: ما سمعت الزهري يحدثه إلا عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد سمعته
منه مرارا ".
قلت: كأنه يشير إلى تخطئة معمر في ذلك، وهو الذي يطمئن القلب إليه، وجزم به الإمام البخاري والترمذي كما يأتي. هذا ما يتعلق بالمخالفة في الإسناد.
وأما المخالفة في المتن، فقد رواه الجماعة عن الزهري باللفظ المتقدم:" انزعوها وما حولها فاطرحوه ". ليس فيه التفصيل الذي في رواية معمر:" فإن كان جامدا فألقوها ... " إلخ. لكن في رواية أخرى عنه، أخرجها ابن أبي شيبة عن عبد الأعلى عنه مثل رواية الجماعة بغير تفصيل.
وهذا هو الصواب لما سبق بيانه عند الكلام على إسناده الذي وافق فيه رواية الجماعة، وكأنه لذلك قال الترمذي بعد أن ذكر الحديث معلقا:" وهو حديث غير محفوظ، وسمعت محمد بن إسماعيل (يعني: البخاري) يقول: وحديث معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر فيه أنه سئل عنه؟ فقال: إذا كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فلا تقربوه. هذا خطأ أخطأ فيه معمر، والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة ". يعني باللفظ الآخر المطلق.
وقد أشار البخاري في " صحيحه " إلى أنه المحفوظ، بأن روى عقبه بإسناده الصحيح عن يونس عن الزهري عن الدابة تموت في الزيت والسمن،