وهو جامد أوغير جامد، الفأرة أوغيرها؟ قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بفأرة ماتت في سمن، فأمر بما قرب منها فطرح، ثم أكل، عن حديث عبيد الله بن عبد الله ". قلت: فلم يفرق الزهري بين الجامد والمائع، فلوكان في حديثه التفريق لم يخالفه إن شاء الله تعالى، أفلا يدل هذا على خطأ معمر في روايته التفريق عنه؟ ولذلك قال الحافظ في " الفتح " (٩ / ٥٧٧) : " هذا ظاهر في أن الزهري كان في هذا الحكم لا يفرق بين
السمن وغيره، ولا بين الجامد منه والذائب، لأنه ذكر ذلك في السؤال، ثم استدل بالحديث في السمن، فأما غير السمن، فإلحاقه به في القياس عليه واضح. وأما عدم الفرق بين الذائب والجامد، فلأنه لم يذكر في اللفظ الذي استدل به، وهذا يقدح في صحة من زاد في هذا الحديث عن الزهري التفرقة بين الجامد والذائب ... وليس الزهري ممن يقال في حقه: لعله نسي الطريق المفصلة المرفوعة، لأنه كان أحفظ الناس في عصره، فخفاء ذلك عنه في غاية البعد ". واعلم أنه وقع عند النسائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك وصف السمن بأنه " جامد ". وهي
رواية شاذة أيضا لمخالفتها لرواية الجماعة عن مالك، ولرواية الجمهور عن الزهري. بل هي مخالفة لرواية أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي نفسه!
وهذا مما خفي على الحافظ فإنه ذكر رواية النسائي عنه، ولم يذكر رواية أحمد هذه عنه! ووقع ذلك أيضا في رواية الأوزاعي المتقدمة. لكن الراوي لها عنه ضعيف، وهو محمد بن مصعب القرقساني، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق كثير الغلط ". ولم ينبه على ضعف هذه الرواية في " الفتح "، ولا أشار إلى ذلك أدنى إشارة!
من فقه الحديث: قال الحافظ في شرح المتن المحفوظ من هذا الحديث: " واستدل بهذا الحديث لإحدى الروايتين عن أحمد، أن المائع إذا حلت فيه النجاسة لا ينجس إلا بالتغير، وهو اختيار البخاري، وقول ابن نافع من المالكية، وحكي عن