قلت: وتوفي أبو بكر الفقيه - وهو المشهور بابن لال - سنة (٣٩٨) ، فبين
وفاتيهما ستون سنة، فيحتمل أن يكون سمع منه أخيرا بعد ذهاب كتبه.
على أنه إن ثبت أنه سمعه منه قديما، ففي الطريق إليه علي بن عبد الحميد، ولم
أجد له ترجمة فيما عندي من المصادر، وهو غير علي بن عبد الحميد المعني الثقة
، وعلي بن عبد الحميد جار قبيصة المجهول، وكلاهما كوفي، وغير علي بن
عبد الحميد الغضائري، فإنهم متقدمون على المترجم، وأكبرهم الغضائري، فإنه
توفي سنة (٣١٣) بحلب كما في " تذكرة الحفاظ " (٢/٧٦٧ - معارف الثالثة) .
ولابن لال جزء صغير من حديثه عن شيوخه ليس فيه هذا الحديث، ولا هو من رواية
ابن عبد الحميد هذا، وقد روى فيه حديثين آخرين عن شيخه القاسم (ق ١١٦/٢
و١٢١/٢) ، وهو محفوظ في ظاهرية دمشق المحروسة (مجموع ١١) .
من أجل ذلك لم تطمئن النفس لتقوية الحافظ العراقي الحديث بقوله في " تخريج
الإحياء " (٤/٢٨٢) :
" رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أم سلمة بإسناد حسن "!
لا سيما وابن سيرين لم يذكروا له رواية عن أم سلمة مطلقا، وقد ذكروا له
رواية عن جمع من الصحابة، ممن يمكنه السماع منهم، مثل كعب بن عجرة المدني؛
مات بعد الخمسين، وعائشة ماتت سنة (٥٧) ، وأبي برزة، وهو بصري كابن
سيرين؛ مات سنة (٦٥) ، أي بعد وفاة أم سلمة بثلاث سنين، ومع ذلك كله نفوا
سماعه من أحد من هؤلاء الثلاثة، فسماعه من أم سلمة غير ثابت في نقدي.
أضف إلى ذلك علة أخرى، ألا وهي الوقف، فقد قال أحمد في " الزهد "