من المسند والمرسل ضعيف لا يحتج بحديثه، على أنه لو كان المرسل ثقة، ولكان علة قادحة في الحديث، فكيف ومرسله ضعيف؟ !
ومن هذا التحقيق يتبين أن قول العلامة السيد محمد بن إدريس القادري في رسالته " إزالة الدهش والوله عن المتحير في صحة حديث ماء زمزم لما شرب له "(ص ٤) :
" وهذا الحديث عندي حسن لغيره، أو لنفسه، فإن رشدين أحد رواته الذي ضعفوا الحديث لأجله هو وإن ضعفه ابن حبان وقال: إنه متروك ... فقد حسن له الترمذي، وقال المنذري: مختلف في الاحتجاج به، وقال الإمام أحمد أيضا فيه: ليس به بأس في الرقائق، أرجو أنه صالح الحديث ".
قلت: فهذا التحسين بنوعيه فيه نظر عندي:
أما الأول، فلما سبق بيانه من فقدان الشاهد المعتبر له، ومن غرائب هذا السيد أنه قال عقب كلامه السابق:
" وللحديث شواهد منها حديث أحمد والطبراني في " الوسط " عن عائشة مرفوعا: " الماء لا ينجسه شيء " قال الأسيوطي: حسن، ومنها حديث الدارقطني في " الأفراد " عن ثوبان مرفوعا: " الماء طهور إلا ما غلب على ريحه وطعمه "، ومنها حديث الطبراني عن ابن عباس مرفوعا في شأن الحجر الأسود وكان أبيض كالماء كما يأتي ".
قلت: ووجه الغرابة من وجوه:
أولا: أن حديث عائشة ليس فيه ذكر اللون؛ وهو محل الشاهد في الحديث عنده، ومثله حديث ثوبان.