العاص؛ مقوياً به تأويل بعض النفات لنزول الرب سبحانه وتعالى تأويلاً منكراً، ينافي سياق كل الطرق الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال في "الفتح"(٣/ ٢٥) :
"وقد حكى أبو بكر بن فورك: أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول، أي ينزل ملكاً، ويقويه ما رواه النسائي من طريق الأغر ... وفي حديث عثمان بن أبي العاص: "ينادي مناد: هل ... " الحديث. قال القرطبي: وبهذا يرتفع الإشكال. ولا يعكر عليه ما في رواية رفاعة الجهني: ينزل الله إلى السماء الدنيا: فيقول: "لا يسأل عن عبادي غيري"؛ لأنه ليس في ذلك ما يدفع التأويل المذكور"!
كذا قال الحافظ عفا الله عنه! فلقد سلك في كلامه هذا على الحديث مسلك أهل الأهواء والبدع من حيث الرواية والدراية. أما الرواية؛ فإنه سكت عن إسناد الحديثين؛ مع أنه يعلم مخالفتهما للروايات الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نزول الرب تعالى إلى السماء الدنيا، وقوله هو نفسه:"هل من ... "، لما رأى أن فيهما تقوية لتأويل المبتدعة للحديث.
وأما الدراية؛ فلا يخفى ضعف بل بطلان التأويل المذكور إذا ما قورن بالروايات الصحيحة للحديث، التي منها رواية رفاعة التي أشار إليها ابن حجر، ولفظها:
"إذا مضى شطر الليل - أو قال: ثلثاه -؛ ينزل الله إلى سماء الدنيا، ثم يقول: لا أسال عن عبادي غيري: من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يدهوني فأجيبه، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر".
فكيف لا يعكر على ذلك التأويل الذي ذكره قوله في هذا الحديث:"ثم يقول: لا أسأل عن عبادي غيري"! لأن ضمير قوله: "ثم يقول" بعود على تأيلهم، إلى الملك الذي زعموا أنه المفعول المحذوف؛ لضبطهم لفظ "ينزل" على