والأمر الآخر: أن الكوثري المشهور بعدائه الشديد للسنة وأهلها؛ قد ذكر في تعليقه على "الأسماء والصفات"(ص ٤٥٠) أن الحافظ عبد الحق قد صحح الحديث بهذا اللفظ. فأحببت أن أتثبت من أمرين:
أولهما: هل هذا العزو لعبد الحق صحيح؟ فإن الكوثري لا يوثق بكثير مما ينقله؛ لأنه يدلس.
وثانيهما: إذا كان العزو صحيحاً، فهل هو مصيب فيه أم لا؟
فأقول: أما الأمر الثاني؛ فقد سبق بيانه بما لا تراه في غير هذا الموضع، وعرفت أن الحديث بهذا اللفظ منكر لا يصح.
وأما الأمر الأول؛ فقد تبين لي أن العزو لا يصح أيضاً، إلا بشيء من الغفلة أو التدليس، وإليك البيان:
اعلم أن الحديث أورده الحافظ عبد الحق في "أحكامه"(١) ، ومنه عرفت إسناده كما سبق، فتمكنت بذلك من دراسته والكشف عن علته، ومن المعروف عند المشتغلين بالحديث - ومنهم الكوثري - أن الحديث الذي يورده عبد الحق في كتابه المذكور ساكتاً عليه فهو صحيح عنده؛ كما نص عليه، استجاز الكوثري أن يعزو إليه تصحيحه إياه، فغفل - وهذا ليس بعيداً عنه -، أو دلس - وهذا ما عهدناه منه غير مرة -، وسواء كان هذا أو ذاك؛ فإن القاعدة المذكورة ليست على إطلاقها عند
(١) منه نسخة في " الظاهرية " لكن عنوانها: " الأحكام الكبرى "، وهي عندي " الوسطى "؛ لأنها مجردة الأسانيد، أما " الكبرى "؛ ففيها الأسانيد من مسلم والدراقطني وغيرهما من المخرجين منهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، يثبتها المؤلف كما وقعت في كتبهم. ولا مجال للقول الآن بأكثر من هذا.